الغارمات و الديون، وتأثيراتها السلبية على الاستقرار الأسري- بقلم المخرج محمد الجبور
13٬093
مشاركة
بقلم المخرج محمد الجبور
لم يتجاوز عمر هديل “24” عاما ، واكتفت بتحصيلها الاكاديمي الثانوي، تقطن في احدى قرى محافظة المملكة ، ولديها اربع اطفال يعمل زوجها في بيع الخضره ونظرا لظروف الاقتصادية السئية اغرق بالديون ، وألقت الاجهزة الامنية القبض عليه قبل عام بتهمة تقصير بالسداد ورفع قضايا مالية عليه والفوائد التي تراكمت عليه بسبب الفائدة القانونية اضطرت هديل في ظل الاوضاع المادية المعدمة التي تعيشها للجوء الى الاقتراض من احدى المؤسسات، واستطاعت اقتراض مبلغ 600 دينار ، لتسد فواتير الكهرباء والماء واجرة المنزل التي تراكمت عليها وحينما همت بزيارة زوجها في السجن في احد ايام رمضان ، قدمت هويتها للدخول ، فإذا برجل الامن يخبرها انها مطلوبة للتنفيذ القضائي؛ بسبب المبلغ الذي اقترضته منذ 4 سنوات ولم تسدده وبذلك اصبح الام والاب يقبعان في السجون ، واطفالهما الاربعه بلا معيل لهم !! في ظل رفض ادارة السجن تكفيل الزوجة هديل (طبعا اسم هديل مستعار ) تلك حكاية من آلاف الحكايات لغارمات لجأن الى الاقتراض من المؤسسات المالية المخصصة لذلك، والتي كانت تعرض خدماتها بإلحاح على تلك السيدات وتعريف مصطلح الغارمات والغارمين هم: “كل من عليه دين ولم يستطع سداده”. هى ظاهرة اقتصادية اجتماعية انتشرت في المجتمع الاردني نتيجة إرتفاع عدد المواطنين تحت خط الفقر، وقد شاعت مؤخراً إحصائية تقدر عدد الغارمين والغارمات في السجون الاردنية بنسبة تتراوح بين 20% إلى 25% ، بينما تتناول تقديرات أخرى هذه الأعداد لتزيد أما عن الغارمين و الغارمات الذين حصلوا على أحكام نهائية و لكنهم مازالوا خارج السجون، فإن الأعداد تتضاعف حيث أن هناك مئات الألوف من الأحكام النهائية التي مازالت قيد التنفيذ وتشير دراسة أجريت علي عينة ممثلة لعدد ١٢٠ من الغارمات أن متوسط مبلغ الدين للغارمة في الأجهزة الكهربائية والأثاث لا يتعدي السبعة مائة دينار، وعلى الصعيد الأخر هناك من صدرت ضدهن أحكام من أجل 150 دينار من اجل تسديد فواتير الكهرباء والمياه وبالاثبات الحقيقي ويعد من أهم الأسباب التنظيمية لتفاقم هذه المشكلة، فوضى سوق إئتمان الشخصي في الاردن، وإنتشاره بشكل غير منظم من خلال السوق غير الرسمي، فإن التجزئة المصرفية، وهى السوق الرسمي للإئتمان الشخصي، مازال غير منتشر بالشكل الكافي في الاردن حيث لا تتعدى نسبته ١٠٪ من إجمالي المحفظة الائتمانية في البنوك العاملة في الاردن فالمواطن الاردني إما يرتاب التعامل مع البنوك، أو ليس مؤهلاً للإقتراض وفق الضوابط المعمول بها في البنوك العاملة في الاردن وفي السوق الغير رسمي للائتمان الشخصي، تزايدت حدة هذه الظاهرة نظراً لاستخدام التجار ما يعرف بـ الكمبيالة لتوثيق الدين مما يحول عملية البيع والشراء من قضية مدنية يمكن الفصل فيها دون عقوبة الحبس، إلى قضية جنائية تؤدي إلى السجن لسنوات عدة. والمحترفين في السوق الغير الرسمي من التجار يعلمون تماماً تلك الحقائق، فهم يقرضون يعرفون مسبقاً زيادة احتمالات تعثره، على أساس أنه سيتدبر أمره بأي طريقة خشية السجن، مع التركيز على أن يكون الدائن أو ضامنه من النساء، لتكون ورقة أثناء السداد تحت ضغط الأحكام الجنائية، بما يعد تمييزاً ضد المرأة والطمع ايضا بالفائدة القانونية الذي اجازها القانون المجحف كما أنه ظهرت في السوق غير الرسمي للائتمان الشخصي الأساسي ظاهرة في غاية الخطورة، تمثل سوقاً غير رسمياً ثانوياً، يتمثل في سوق “توريق” ديون الغارمات والغارمين، والتي تعني عمليات بيع وخصم ديون الغارمات والغارمين لدى أشخاص غير الدائنين الأصليين، وخاصة للأشخاص الذين يستطيعون تحويل أو تجنب تكلفة تحصيل تلك الديون، وخاصة من العاملين بمهنة المحاماة أو العاملين السابقين في الأجهزة الأمنية، والذين في شكل شركات المحاماة وتحصيل الديون المتعثرةوهذه الظاهرة تعظم من الآثار السلبية لمشكلة الغارمات والغارمين، حيث يتم إدخال الغارمات والغارمين إشكالية سداد الدين – المدني في أصله – وسداد تكاليف وهامش ربح “توريق” هذا الدين، والتي غالباً تكون مبالغاً في قيمتها، تحت ضغط الأحكام الجنائية، خاصة تلك التي توجه ضد المرأة هؤلاء السيدات اللواتي وقعن فريسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، ولم يكن لهن الداعم في تخليص أنفسهن من ديون “متواضعة” ليصبحن “قابعات السجون” بعيداً عن أبنائهن وبيوتهن وهنا نقول اين الحفاظ على الاسره والحفاظ على الامن الاسري واتمنى على المشرع اعادة النظر في قانون التنفيذ والغاء حبس المدين وذلك حسب المعاهدات الدولية الموقعه عليها الاردن وتحميل الدائن المسؤليه لانه قبل ان يداين هنا سيفكر الاثنان الف مره قبل ان يداين امراة او رجل وتفعيل المحفظه الائتمانيه في البنوك وتسهيل على المواطن الاقتراض والتسديد