أكثر من جريمة… 6 دنانير فطور صحن الحمص -أسامة الرنتيسي
جريدة عالم السياحة-مقالات-تدخل مطعمًا يبيع الحمّص والفلافل لتناول وجبة فطور صباحية لا تتعدى صحن حمّص وكاسة شاي وخمس حبات فلافل، وتهف نفسك على منقوشة زعتر، للأمانة فإن شُغلها متقن.
بعد قليل تطلب الفاتورة فيأتيك شاب أنيق بورقة صغيرة محشوة داخل غلاف جميل، فتطلع على قيمتها الإجمالية (خمسة دنانير و87 قرشا) بالتفصيلات التالية: كوب مياه معدنية صغير نصف دينار كاسة شاي 85 قرشا صحن حمّص دينار و90 قرشا، فلافل خمس حبات 30 قرشا، زعتر وزيت 86 قرشا، سرفيس (حبة بندورة وخمس حبات زيتون و3 قطع صغيرة مخلل) 65 قرشا، و81 قرشا ضريبة مبيعات.
هذه الأسعار في أحد مطاعمنا التي كنّا نسميها شعبية، لكن بعد تطور مفاهيم السياحة لدينا أصبحت مطاعم سياحية بأسعار خيالية.
إذا كانت وجبة فطور شخص واحد تحتاج الى ستة دنانير، من دون الذهاب الى فنادق الخمسة نجوم، وتناول الأجبان والعسل والمواد المشهية في إفطارات الفنادق الفخمة، فكيف لو فكر رب أسرة في يوم عطلة اصطحاب عائلته الى مطعم لتناول الحمّص والفول فهل يدفع 50 دينارا بدل الغلطة التاريخية التي ارتكبها؟!.
ليس أهل البلد وحدهم يشكون من ارتفاع الأسعار غير الطبيعي في كل شيء، فأشقاؤنا القادمون من الخليج العربي يصطدمون بالأسعار ويعتبرون أن فيها مبالغة غير مبررة، خاصة في أسعار المطاعم السياحية، ويتفاجأون أكثر عندما يعرفون أن هذه الأسعار ليست خاصة بهم وحدهم بل أيضا لأبناء البلد.
قد يدافع أحدهم ويقول لك، هناك أيضا مطاعم شعبية تقدم الحمّص والفول والفلافل بأسعار معقولة، لا يمكن موازنتها بأسعار المطاعم التي أدخلت الفاتورة على الكمبيوتر، وصورة حبة الفلافل على لوغو المحل، لكن من حق الجميع ان يحصلوا على أسعار عادلة ومعقولة حتى في المطاعم السياحية التي تقدم الوجبات الشعبية.
من صحن الحمّص والفول والفلافل تبدأ إعادة النظر في فكر صناعة السياحة في بلادنا، وهي مصدر الدخل الرئيسي للموازنة بعد الضرائب التي يدفعها المواطنون، فنحن مهما حاولنا التجميل والترويج، لبلد ليس صناعيا ولا زراعيا ولا نفطيا، وكل ما تملكه البلاد سياحة لا نستطيع ترويجها بالطريقة الصحيحة، ومع هذا تدر على موازنة الدولة نحو ثلاثة مليارات دينار سنويا، فكيف لو تقدمنا بالتفكير قليلا في صناعة السياحة، وطورنا مفاهيم ترويج الأردن سياحيا.
في بلد 80 % من مواطنيه من ذوي الدخل المحدود والفقراء، او يقبعون تحت خط الفقر، يصل صحن الحمّص ستة دنانير، (والله العظيم إنها كارثة.. جريمة… وكفر).
الدايم الله…..