التراث الثقافي للبشرية يتعرض للدماربسبب التعصب الديني المفرط.
تعرض التراث الثقافي للبشرية في القرون الخوالي للكثير من الدمار خلال النزاعات المسلحة وكذلك الكوارث الطبيعية وبسبب التعصب الديني المفرط.
وفي الفترة الأخيرة بات العالم يقف عاجزا امام خطر الغزوات الهمجية التي يتعمد الإرهابيون خلالها تدمير الشواهد الأثرية الشامخة والأوابد الثقافية العريقة.
ففي 26 فبراير/ شباط 2001 أوعز الملا عمر زعيم طالبان بتدمير تمثالين ضخمين لبوذا في أفغانستان. وكانت تلك الجريمة الاستعراضية الأولى من جرائم تدمير الشواهد الأثرية العالمية في القرن الحادي والعشرين.
وكان أول ذكر تاريخي لوجود تماثيل بوذا في وادي باميان / على بعد 230 كلم شمال غرب العاصمة كابول/ ورد على لسان رحالة صيني زار أفغانستان في عام 630 ميلادي. كانت هذه التماثيل موجودة على طريق الحرير بالقرب من جبال هندوكوش وهناك كانت توجد الكثير من الاديرة البوذية. التمثال الكبير كان “لبوذا المشرق”/ شارح كل شيء/ والتمثال الأصغر حجما كان لبوذا – شاكياموني (“بوذا يومنا الحاضر”).
انتشر الإسلام في أفغانستان بشكل كامل في القرنين التاسع والعاشر وكان ذلك يعني نهاية البوذية في تلك الدولة. فأخذ المسلمون يدمرون تماثيل بوذا ومعابد وأديرة البوذيين المنتشرة هناك.
وفي القرن الحادي عشر دخلت المنطقة ضمن نفوذ خراسان العظمى وتحول وادي باميان إلى مركز تجاري ضخم وفي مدنه انتشرت العمارة الإسلامية التقليدية. وقد زار المنطقة في عام 1218 العالم والرحالة ياقوت الحموي وبهذا الشكل وصف تماثيل بوذا:” في قلب صخور الجبل تم نحت وثنين من أسفل الجبل حتي قمته لا يوجد شيء يمكن أن يقارن بحجمهما – الأول احمر والثاني ابيض”. وبعد عدة سنوات قام جيش جينكزخان بتدمير مدن المنطقة وقتل سكانها ولكن التماثيل بقيت صامدة. ولدى هجومه على الهند عبر تيمورلنك وادي باميان ولم يمس التمثالين.
وفي القرن السابع عشر قام المغول المسلمون بقصف التمثالين بالمدافع وبعدهم قام حاكم إيران نادر شاه اشرف /1688-1747/ بقصفهما أيضا فتسبب ذلك بتخريب ساق التمثال الكبير وتمكن عبد الرحمن امير أفغانستان /1844-1901/ من تدمير وجه التمثال الكبير. لم يتعرض التمثالان لاحقا لأي دمار أو تخريب ومرت بسلام عليهما الحروب الأفغانية – الانكليزية والحملات العسكرية السوفيتية والحرب الاهلية الأفغانية/1978-1996/. ولكن بعد استيلاء طالبان على أفغانستان، أعلن زعيم الحركة الملا عمر أنه لا يوجد من يعبد التمثالين في بلاده ولذلك يمكن اعتبارهما بمثابة أوثان يجب المحافظة عليها. ولكن الملا سرعان ما تراجع عن كلماته وأوعز بتفجيرهما. وبعد قصف بمختلف صنوف الأسلحة قام الإسلاميون بتفجير التمثالين بالمتفجرات. وفي يوم 13 مارس/ آذار أعلنت طالبان رسميا عن تفجير التمثالين. كما اعلنت نيتها تدمير الأماكن الاثرية في المناطق الأفغانية الأخرى. فأثار هذا التصرف الهمجي الاستهجان والاستنكار في كل العالم بما في ذلك بين المسلمين ووصف اليونسكو ما حدث بالجريمة ضد الثقافة والحضارة
في عام 2015 قام الإرهابيون من داعش بتدمير أرشيف مكتبة مدينة الموصل وحرقوا حوالي 10 آلاف كتاب وقطعة في المتحف التاريخي للمدينة. وبالمطارق المعدنية الثقيلة حطموا التماثيل البابلية والاشورية التي يبلغ عمرها اكثر من 3 آلاف عام بما في ذلك تمثال شيدو – الهة الحكمة والمعرفة لدى السومريين القدماء. وقام إرهابيو داعش بتدمير العشرات من الكنائس والاديرة الاثرية في سورية والعراق وكذلك المقامات ودمر هؤلاء الآجوج والماجوج معبد بعل شمين في تدمر السورية.
كما أعدم تنظيم ” الدولة الإسلامية” قبل ذلك المدير السابق للآثار في سوريا، خالد الأسعد، في مدينة تدمر بقطع الرأس، وعلقوا جثته على عامود، وصلبوه ومثلوا بالجثمان بعد ذلك.
المصدر: تاس