مؤاشرات تحتاجها للاقامة في بريطانيا
لندن ،اقتصاد مزدهر، وجاذبية ثقافية عالمية، ومشهد اجتماعي نابض بالحياة، إضافة إلى سهولة الوصول إلى القارة الأوروبية، كلها عوامل تجعل من لندن مدينة تهوي إليها قلوب الوافدين.
لقد مُنحت 538,817 تأشيرة دخول وعمل في المملكة المتحدة عام 2014، بزيادة قدرها 37 في المئة منذ عام 2013، طبقاً لإحصائيات الحكومة البريطانية.
لكن الإقامة في العاصمة البريطانية لا تخلو من العقبات. فالمعروف أن تكلفة المعيشة في العاصمة الأوروبية الأكبر مرتفعة، خصوصا عندما نتحدث عن شراء أو استئجار شقة. وربما يكون من الصعب على الوافدين التكيف مع طقس لندن الماطر، خصوصاً بالنسبة لأولئك القادمين من مناطق مناخية مشمسة.
وعلى الرغم من أن لندن مدينة حديثة، إلا أن الحياة الثقافية فيها تضرب بجذورها عميقاً في قرون من التقاليد البريطانية التي يمكن أن يجد الأجانب صعوبة في فهمها.
لكن بالنسبة لغالبية الناس، تعتبر إمكانية التكيف مع الحياة في لندن عالية حقاً. وقد حظيت المملكة المتحدة بلقب “أفضل مكان يفضل فيه الوافدون الاختلاط بالسكان المحليين على الاختلاط بالوافدين الآخرين، بنسبة 49 في المئة، مقارنة ب 31 في المئة على مستوى العالم”، حسب ما جاء في الدراسة المسحية لبنك HSBC عن الوافدين لعام 2015.
وقد تمكن نصف الوافدين إلى المملكة المتحدة من العثور على شريك حياة منذ وصولهم. فما الذي تحتاج لمعرفته لكي تستمتع بتجربة إقامتك في لندن؟
العثور على عمل
سواء كنت منتقلاً إلى لندن أو باحثاً عن عمل فيها، فإن العثور على عمل في لندن ليس أمراً سلسلاً. فإن كنت ترغب في الانتقال إلى لندن، لكن ليس لديك أي علاقات عائلية، ولست مواطناً لإحدى دول الاتحاد الأوروبي، فإن العثور على عمل سيكون وسيلتك الوحيدة للدخول إلى لندن.
يصعب على الوافدين التكيف مع طقس لندن الماطر، خصوصاً بالنسبة لأولئك القادمين من مناطق مناخية مشمسة
هناك ثلاث طرق يمكن أن يسلكها غير الأوروبيين للحصول على عمل في بريطانيا. يتم منح الحق في العمل بموجب ثلاث برامج مختلفة للتأشيرات: وجود شواغر وظيفية، عدم التأثير على سوق العمل للمواطنين، والانتقال من موقع وظيفي إلى آخر داخل الشركة ذاتها.
في فبراير عام 2015 نشرت اللجنة الاستشارية الحكومية الخاصة بالهجرة قائمة بالشواغر الوظيفية داخل بريطانيا والتي أضيفت إليها 10 وظائف جديدة، وتتركز كلها على التكنولوجيا الرقمية والرعاية الصحية.
حتى لو كان لديك الحق في العيش والعمل في بريطانيا بموجب تأشيرة مختلفة مثل أن تكون زوجاً أو زوجة لمواطن مقيم، فإن قيامك بالبحث والتقصي قبل الانتقال أمر في غاية الأهمية.
تقول ليسا لارو، مدربة في شركة”كاريروركس” في لندن، والتي تقدم خدمات للوافدين لمساعدتهم على تطوير وضعهم الوظيفي: “تحسين فرص عثورك على عمل في الخارج يتطلب منك القيام بذلك بذكاء وليس ببذل الجهد والمشقة”.
وتضيف: “ليس من السهل دائماً وليس من الممكن الانتقال بسلاسة إلى مكان جديد لتقوم بنفس العمل الذي اعتدت القيام به في الخارج. بعض الوافدين سيكتشف أن المهارات والمؤهلات التي أهلتهم للحصول على عمل معين في بلادهم، لا تؤهلهم للقيام بنفس العمل في بريطانيا”.
أنجيلا راندال، البالغة 35 عاما، عرفت ذلك عندما انتقلت للعمل من لوس أنجليس إلى لندن برفقة زوجها الذي يحمل الجنسية البريطانية.
وقالت راندال التي عملت في السابق مديرة في شركة للإعلان والتسويق عبر وسائل الاعلام الاجتماعي: “أشعر بأنني لست الحالة الوحيدة”.
بالإضافة إلى إرسال السيرة الذاتية إلى الشركات والمؤسسات الأمريكية التي لها فروع في المملكة المتحدة، تعتمد راندال على المؤسسات المتخصصة في البحث عن عمل لإيجاد وظيفة لها.
وتقول إنها كلما ذهبت إلى مقابلة لوظيفة كانت تعتقد أنها ملائمة لها، تكتشف أن مؤهلاتها لا تناسب القيام بتلك الوظيفة.
الحياة الثقافية في لندن تضرب بجذورها عميقاً في قرون من التقاليد البريطانية
في نهاية الأمر، ذهبت راندال للعمل كمديرة في أحد محلات بيع الأحذية حيث أمكنها استخدام مهارتها في التسويق لزيادة المبيعات، لكنها لم تستطع الاستمرار في هذا العمل لأن الشركة التي تملك المحل تحولت إلى العمل عبر الإنترنت في فترة غيابها في إجازة أمومة.
وتقترح لارو على الباحثين عن عمل في بريطانيا أن ينضموا إلى المجموعات الموجودة على موقع “لينكد-إن” التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، وذلك قبل الانتقال للعيش في بريطانيا. ومن شأن ذلك أن يساعدهم على فهم السوق والفرص التي قد تتوفر.
كما تقترح الانضمام إلى روابط المهن المحلية أو نقل عضويتهم في الروابط المهنية إلى بريطانيا لكي يندمجوا في الأوساط المهنية المحلية. إضافة لما سبق، تقترح أن لا تزيد السيرة الذاتية عن صفحتين، وأن يلتحق الباحث عن عمل بدورات تعليمية متخصصة في مهن معينة.
ومن الممكن أن يكون فهم طريقة الحصول على تأشيرة للعمل أمراً صعباً، وكثير من الناس يستفيدون من استشارة مختصين أو من الجهة التي يعملون معها.
بالنسبة للكثيرين، تصبح تأشيرة البحث عن عمل لاغية بعد مرور 6 شهور، وقبل حلول موعد إلغائها، يجري الاتصال بهم من قبل مكتب التأشيرات البريطاني.
التفكير خارج الصندوق
تتمتع لندن بمناخ جذاب لأولئك الذين يفكرون بطريقة خلاقة في الحصول على فرصة عمل.
وشورديتش، منطقة في أقصى شرقي لندن، ويطلق عليها اسم “دوار السيليكون”، والتي تضم صناعة التكنولوجيا اللندنية الواعدة.
حتى لو كنت مبتدئا في مجال غير مجال التكنولوجيا، فإن التفكير الخلاق يمكن أن يكون المفتاح لبدء حياتك في لندن.
نيكول فوجان ويذرلي 34 عاماً، من ولاية مسيسيبي في الولايات المتحدة، التقت بزوجها أثناء عملهما في شركة بريطانية في الولايات المتحدة، وكانت ترغب بشدة في أن تبدأ مشروعها الخاص في لندن، وتقول: “أحب بريطانيا، واستوعبت ثقافتها، وجدت أن لندن متعددة الثقافات، وبدأت أفكر ما الذي يمكن أن أفعله لاستثمار هذه الحقيقة وأنا في منزلي”.
وهكذا جاءت فكرة شركتها التي تنتج الشاي المثلج الذي يحمل اسم “سويت سالي تي”.
تعد لندن ثالث أكثر المدن ثراء في العالم
وقد أجرت اختبارا للسوق مستفيدة من المصادر المحلية مثل الأكشاك الصغيرة في محطات قطار الأنفاق، حيث استأجرت مكاناً داخل محطة أنفاق “ذا أولد ستريت” لمدة أسبوعين.
وكونت كذلك شبكة من الأصدقاء، وهي مهمة ليست سهلة للوافدين الذين يصلون إلى بريطانيا بصحبة أزواجهم، وليس لديهم وظيفة مكتبية أو شبكة علاقات اجتماعية جاهزة.
ومنذ أن قررت إطلاق مشروب “سويت سالي تي” في بدايات 2014، استمرت هذه الشركة في النمو. وبالإمكان الآن رؤية هذا الشاي الذي تنتجه الشركة في حانات لندن، ومطاعمها، بما في ذلك حانة ومطعم Harwood Arms في منطقة فولهام.
العثور على منزل والاستقرار
العثور على موطيء قدم ليس مهمة سهلة في مدينة يقارب عدد سكانها 9 ملايين نسمة. ولربما كانت لندن ثالث أكثر المدن ثراء في العالم لكن قدرة مواطنيها على العثور على مسكن بسعر معقول تبعث على الأسى.
فحسب دراسة حديثة يحتاج المشتري للمرة الأولى في لندن إلى دخل لا يقل عن 77 الف جنيه استرليني، أي ما يعادل 118 الف دولار ليكون باستطاعته امتلاك منزل. فإذا قارنا ذلك بمعدل دخل مواطنيها السنوي الذي لا يزيد عن 30 ألف جنيه، مما يدفع الموظفين في الغالب إلى الاستئجار بدلا من الشراء.
وينصح بنك HSBC بأن يكون المستأجر في مدينة لندن مستعداً لدفع ما يساوي قيمة شهر ونصف إيجار كتأمين لمن يعثر على شقة غير مفروشة مكونة من غرفتين وأجرتها الشهرية 1700 جنيها استرلينيا في المتوسط.
أما بالنسبة لأولئك الذين لا يمانعون من السكن خارج لندن فان أجرة السكن وكذلك نسبة الفائدة على الرهن العقاري انخفضت بصورة واضحة. فقط عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أن تكلفة المواصلات أيضاً عالية.
فمتوسط رحلة قصيرة بقطار الأنفاق تكلف حوالي 3 جنيهات أي ما يعادل 4.29$، أما من يسافر بالسيارة إلى العاصمة فسيضطر إلى تحمل نفقات عالية مقابل إيقاف سيارته في أماكن صف السيارات. لكن ليس كل شيء ثمنه مرتفع. فالتعليم المجاني ميزة كبيرة للوافدين الذين لديهم أطفال.
ففي لندن توجد بعض أفضل المدارس الحكومية على مستوى بريطانيا، فضلا عن وجود عدة خيارات وبدائل إذا كنت تطيق تحمل دفع رسوم للدراسة، من بينها المدرسة الأمريكية في لندن، وكذلك المدرسة الفرنسية حيث تبلغ الرسوم في المتوسط 12,000 جنيه استرليني، أي ما يعادل 18,364 دولار للتلميذ الذي لا يبيت في المدرسة.