جريدة عالم السياحة والاقتصاد، تهتم بصناعة السياحة باطيافها ، الشؤون الاقتصادية والبيئة والسياحة الدينية والمغامرة والسفر والطيران والضيافة

واقع السياحة في الاردن-في لقاء مع الدكتور مروان احمد العبد اللات

1٬245

عالم السياحة -تحدث خبير ومستشار السياحة العلاجية الدولية ومدير عام مجموعة شركات الرفاهية الاردنية للسياحة العلاجية والتسويق الطبي حول واقع السياحة ملقيا الضؤ على جوانب هامة  وفي ما يلي نص الحوار :

سؤال :  حدثنا حول واقع السياحة في الاردن والحركة السياحية الاردنية

أود بداية أن أتوجه بالشكر والتقدير على منحي هذه الفرصة للحديث عن واقع السياحة في الاردن والحركة السياحية الاردنية  ،في وطننا الغالي.

وأنني حقيقة أود التحدث بمصداقيه وبشفافية وبمهنية ما أمكن ،بعيدا كل البعد عن العاطفة وبدون تحيز لأي جهة كانت.

نعم صحيح تعتبر المملكة الاردنية الهاشمية متحف تاريخي كبير يضم ثروة تاريخية هائلة ،وكانت ارض الاردن منذ الازل مهدا لمختلف الحضارات التي شهدتها الانسانية ، بدءا بحضارة الانباط وحضارة اليونان وحضارة الرومان ، مرورا بالحضارة الاسلامية ، ومعظم هذه الحضارات ، اخذت من ارض الاردن مركزا وقاعدة لها وبعضها اعتبرها عاصمة لها ، للموقع الاستراتيجي الهام للأردن لكونه حلقة وصل بين القارات.

فالبتراء تقف شامخة في جنوب الاردن ، وأعمدة وساحات مدينة جرش تعانق السماء في جرش ، وقلعة عجلون وقلعة الكرك صادمة منذ قرون  ، والقلاع والقصور الاسلامية في الازرق تعبر عن الروح الاسلامية العطرة للأردن .

والأردن مهد الديانة المسيحية، وبـالأخص تلـك المراحل التي عاش فيها الأنبياء: إبراهيم ولوط واسحق ويعقوب وموسـى.ويعتبر الاردن مهد الحج المسيحي ، المغطس إلى الجنوب من العاصمة عمان ، وإلى الجنوب الغربي من مادبا وعلى بعد 27 كيلومتر، تقع قلعة تشرف على البحر الميت من الجهة الشرقية تسمى قلعة مكاور ، يقع تل مارا لياس على بعد (9)كم تقريبا إلى الشمال الغربي من مدينة عجلون ، يعتبر موقع مار الياس من أهم المواقع الأثرية الموجودة في عجلون ، أما كنيسة سيدة الجبل تعود أهمية المزار إلى الاعتقاد بأن السيد المسيح ووالدتـه مـريم العذراء أمضوا فترة وجيزة في أحد كهوف عنجره ويعتبر الاردن للمسلمين ، ارض مباركة ، لجوارها من المسجد الاقصى المبارك ، وشهدت أرض الاردن العديد من الغزوات والمعارك الاسلامية ، مثل غزوة مؤتة وغيرها  ويضم الاردن في احضانة ،مئات من المقامات وأضرحة الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى سبيل المثال مقام  سيدنا جعفر بن ابي طالب ، ومقام شرحبيل بن حسنة وغيرهم كثير .

وليس هذا فحسب ، فيوجد في الاردن كم هائل من الينابيع الحارة والباردة ، والتي لا مثيل له في العالم ، وتحتوي هذه الينابيع على مستويات مختلفة من الاملاح تساهم في شفاء بعض الامراض ، مثل ينابيع عفرا ، وينابيع وادي الموجب ،  ففي الاردن مدينة البتراء عاصمة الانباط ، احدى العجائب السبع ، وفي الاردن البحر الميت ، اخفض نقطة على سطح الارض.

فتوجد العديد من الينابيع المعدنية الحارة بدءاً من المخيبة في أقصى الشمال، وصولاً لحمامات عفرا وأبو ربيطة في الجنوب ، فالأردن يتمتع بالعديد من المواقع الطبيعية،التي قلما توجد في بلد آخر ،ومن أهم هذه المواقع ،حمامات عفرا وحمامات أبو ربيطة في الطفيلة ،وحمامات ماعين في مأدبا ، وابن حماد وعين سارة وعين القلعة وويدعه في الكرك ،وزار جنوب وادي الزرقاء ماعين ،ونبع حمة جرش، الذي يوجد في مجرى نهر الزرقاء ، ونبع دير علا الذي يخرج من المنطقة المنخفضة عند دخول نهر الزرقاء في منطقة وادي الأردن ،ومنطقة المخيبة الأردنية على مشارف نهر اليرموك ،وحمامات الشونة الشمالية ،وحمامات أبو ذابلة والتي تقع على بعد كم شمال شرق طبقة فحل ،ومياه البحر الميت وغناها بكافة أشكال المعادن والأملاح ، وتتنوع العيون المعدنية في درجة حرارتها ، حيث توجد عيون طبيعية ذات درجات حرارة مرتفعة ، مثل حمامات ماعين في مأدبا ، وأخرى ذات درجات حرارة منخفضة مثل عين القلعة في محافظة الكرك

ومن ذلك كلة يعتبر الأردن واحد ا من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم ؛ ويعود ذلك أساساً إلـى أهميته الدينية والتاريخية ،و يتمتع الأردن بمواصفات أخرى تجعله مقصداً للسياح والزوار من مختلف أنحاء العالم طوال السنة ف ، بالإضافة إلى طيبة أهله وكرمهم، ويتمتع الأردن بتضاريس ومناخات شديدة التنوع، والأردن عبارة عن جسر يربط بين قارات أفريقيا وآسيا، وأوروبـا ،مما كان له تأثير كبير على مجرى تـاريخ الأردن .

واقع السياحة في الاردن والحركة السياحية الاردنية:

بصراحة ، أن واقع الحركة السياحية الاردنية حاليا صعب وتمر بأزمة حقيقة ، وتعيش الحركة السياحية في قلق كبير من تراجع الموسم السياحي  ، في ظل صمت حكومي وغياب للرقابة الحكومية ،وجميع القطاعات العاملة في صناعة السياحة الاردنية ، تعاني حاليا من نفس القلق  ، نتيجة لانخفاض عدد السياح القادمين للأردن بقصد السياحة الداخلية ، او بقصد السياحة العلاجية او الأستشفائية ، في ظل تجميد وعدم تفعيل لمجالات السياحة الاخرى ، والتي من ضمنها السياحة البيئية او السياحة التعليمية او السياحة المهرجانات أو السياحة الدينية وغيرها كثير .

ويعيش القطاع السياحي الاردني في ظل فوضى وقلق ، وغياب التنسيق بين الوزارة والجمعيات العاملة في هذا القطاع ، ففي قطاع الفنادق الاردنية مثلا ، والذي يعاني من تراجع في عدد الاشغال للغرف ، وارتفاع الكلفة التشغيلية للفندق ، من كهرباء وماء وأجور عاملين وضرائب ، الامر الذي ادى إلى إغلاق ما يقارب تسعة فنادق في مدينة البترا ، والعديد من الفنادق في العاصمة عمان وما حولها ، بسبب انخفاض عدد السياح القادمين للأردن ، والتي يعزيها البعض ألى الاوضاع السياسية حول الاردن ، نعم هناك تأثير ، لكن نسبة هذا التأثير تتراوح بين 10 – 15 %، والأسباب الحقيقة تعود لعوامل بعضها يتعلق بالخدمة المقدمة ومدى جودتها ، وبعضها يتعلق بالإعلام السياحي ، وارتفاع الاسعار ، وغياب التسويق السياحي الصحيح للقطاع ، وعدم قدرة العاملين في مجال التسويق الفندقي في النجاح في ذلك لانعدام الخبرة عن البعض ، ووجود منافسة عالمية قوية من بعض الدول المجاورة والتي منها تركيا و دبي ، وإسرائيل وقبرص  وللتعامل بالعمولات بين الفنادق وشوفرية التاكسي ايضا .

ناهيك عن الاستغلال الذي يتعرض له السياح حال قدومهم ، من قبل البائعين ، وأصحاب البسطات ، وبعض المقاهي والمطاعم الشعبية ، حيث يباع فنجان  القهوة بسبعة دنانير وفي بعض المطاعم يباع كاس الماء الواحد ب 5 دنانير ، بحجة انها مصاريف تشغيلية ، فأسعار المطاعم والفنادق ، مرتفعة جدا وغير معقولة مقارنة بالأسعار في الدول المنافسة .

والأمر الاكثر خطورة ، هو اعتماد شركات السياحة على السائقين في استقبال السياح ، وفي ارشادهم للاماكن السياحية ، حيث ان هؤلاء السائقين ، لا يجيدون لغات اجنبية ، ولا يملكون معلومات كافية وصحيحة عن المواقع الاثرية ، فتعمد شركات  السياحة الى تجاهل وغض النظر عن شرط مرافقة الدليل السياحي للوفد السياحي  والاستعاضة عنة ب شفير الحافلة ، لذلك لا تقوم الشركات السياحية بالاستعانة بالإدلاء السياحيين أو مرشدين سياحيين ، وذلك لعدم دفع اجور او اتعاب لهؤلاء الادلاء المرخصين  ويوجد لدينا في الاردن ادلاء سياحيين يتمتعون بمهارات عالية ويتقنون لغات اجنبية كثيرة ولديهم معلومات كاملة عن المواقع السياحية في الاردن .

فاستخدام شركات السياحية لسائقين في عملية ارشاد السياح ادى الى اعطاء معلومات مخلوطة عن المواقع الاثرية ،وتشويه السمعة السياحية للبلد ، بسبب عدم اتقان اللغات من قبل الشوفير ، وإنما ايضا لقلة درايته وضعف معلوماته وعدم معرفته عن الاماكن السياحية  ناهيك عن استغلال السائقين لهؤلاء السياح بطريقة او بأخرى ، علما بأنه يوجد في الاردن حسب اعتقادي ما يتجاوز 1350 دليل سياحي مرخص ، يعمل منهم فقط حسب اعتقادي وحسب تصريحات المسؤوليين 100 دليل فقط او اقل حاليا  ، بمعنى سياحة بدون أدلاء ،

وهذا كله ادى الى ضعف الاستثمار في القطاع السياحي ، وهروب المستثمرين  الى دول مجاورة ،اما بسبب ارتفاع الاسعار والكفالة الكبيرة التي يتم فرضها على المستثمر في هذا المجال ، وانتشار الرشوة في بعض الجهات ، الامر الذي اصبح عائقا في وجهه الاستثمار .

اضافة إلى قيام الدول المنافسة ، باستقطاب الكفاءات الاردنية السياحية ، وسحب المستثمرين الاردنيين وتقديم جميع التسهيلات لهم للاستثمار في قبرص ، واليونان ، وفي الامارات العربية وغيرها ، وعلى مراى من الحكومة الاردنية الصامتة

إضافة ألى انة يجب الاشارة الى ضرورة تبني نظام الكتروني يحدد بالضبط عدد السياح الذين قدموا للأردن بقصد السياحة ، حيث ان كل جهة ،تقوم بتقدير العدد بناءا على معطيات غير صحيحة ، فعلى سبيل المثال ، بعض الفنادق الشعبية ، تقوم بتعبئة كشوف السياح بشكل عشوائي ومن ثم  تقوم برفعها لوزارة السياحة بشكل مغلوط ، وتقوم الوزارة بعملية الاحصاء لمعلومات مغلوطة .

وحيث ان الارقام والإحصائيات التي تصدر ، تصدر من عدة جهات ، ومن ضمنها البنك المركزي ، والذي يعتمد على عدد الدخول ألى الاردن وعدد الخارجين ، دون معرفة بمقصد السياح ، او هدفهم من الزيارة ، وبالتالي لا يوجد ولا يتوفر لدينا في الاردن احصاء دقيق وفعال ، او إحصائيات صحيحة للأسف  

فالخلاصة اذن :

ان القطاع السياحي :

1-تشتت وتنوع المرجعيات والمهام بالنسبة للعمل في مجال السياحة والسفر  ، فالمهام متداخلة بين وزارة السياحة والمجلس الأعلى للسياحة   ، وهيئة تنشيط السياحة و جمعية الفنادق  ،ولتحقيق النمو المرجو من قطاع السياحة فعلينا تحديد المهام ، فالقطاع السياحي لدية مهام عدة  ومتنوعة منها جذب الاستثمارات الاجنبية للمملكة ، وغيرها كثير .فالواقع العام  يتطلب منا جميعا توحيد الجهود لجذب الأستثمارت السياحية كأولوية باعتبار أن وزارة السياحة والآثار هي  وزارة اقتصادية، وضرورة ووضع الخطط المناسبة لتنشيط السياحة داخليا وخارجيا ، فمن وجهة نظرنا ، نرى ضرورة مشاركة الوزارة – وزارة السياحة – في وضع خطط جذب الاستثمارات وحتى في منح التراخيص ، فجذب الاستثمارات السياحية لا يقل اهمية عن جذب الاستثمارات الصناعية وغيرها

1-  ضرورة تشجيع الاستثمارات السياحية في الاماكن السياحية ، بإيجاد البنى التحتية لهذه المشاريع ، والمساعدة في وضع دراسات  الجدوى الاقتصادية لهذه الاستثمارات و ومنحها إعفاءات جمركية وضريبية خاصة ، والتقليل من الاجراءات الروتينية المتبعة في الترخيص ، لكونها تأخذ وقتا طويلا ، مما يدفع المستثمر ألى الممل والهروب ألى دول أخرى ، وتخفيض الكفالة المالية لمنح التراخيص للعاملين والمستثمرين في قطاع السياحة والسفر

2-                    ضرورة رفع مستوى الخدمات السياحية المقدمة للارتقاء إلى العالمية وضرورة أقامة صناعة سياحية متطورة ومتكاملة ، وعدم الاقتصار على تدريب الكوادر السياحية على بعض الخدمات الفندقية فقط ، بل الارتقاء بالقوى البشرية وتطويرها لمواكبة التقدم وتقييم ادائها بالشكل الصحيح بصورة دورية .

3-  ضرورة حفز المجتمع المحلي وتوعيته للتفاعل مع المنتج السياحي ، وذلك نظرا لغياب تفاعل المجتمع المحلي مع المنتج السياحي لأسباب كثيرة وعديدة ، وضرورة نشر ثقافة سياحية متعمقة تاريخية وعدم الاكتفاء بمعرفة اسماء المدن او الاماكن الاثرية فقط

4-                    ضرورة وضع الخطط السياحية المناسبة ، للوصول إلى تخطيط سياحي  سليم ، منسق ، وهذا يحتاج إلى تنسيق جميع الجهود والبرامج في كل المؤسسات ذات العلاقة وضرورة تسويق السياحة بجميع فئاتها محليا ودوليا ، للإسهام الفاعل في صناعة السياحة ، ويجب أن تكون المنافسة من أجل ترويج الاردن سياحيا من جميع الجوانب وليس الاقتصار في حصد السياح عددا ، فالأردن موجود كمنطقة جذب سياحي ، ولكن كيف يمكن جعله مقصدا رئيسيا من خلال استغلال العناصر السياحية الفريدة بالشكل الصحيح ، فالسؤال هو ؟ كيف يمكن وضع الاردن في مقدمة خيارات السائح وتنويع الخدمات والمرافق السياحية ، والارتقاء بالخدمات المقدمة للسائح سواء كان قادما للعلاج او للترفية او غيرهما ، في ظل المنافسة الشديدة التي يواجهها قطاع السياحة غربيا ودوليا  ؟

5-                    ضرورة تقديم صيغ جديدة لترويج ولتسويق الاردن سياحيا ، وبصيغ جديدة تتجاوز الامن والأمان مع أهميتهما

6-   الاعتماد الشديد على تقارير مؤسسات التقييم العالمية التي ثبت في حالات كثيرة انها كانت مضللة خلال الازمة المالية العالمية ، وجاءت جميع التقارير مؤسسات التقييم الدولية ، مناهضة للواقع ، وكان لها الاثر الاكبر في تردي السوق السياحي الاردني ، الذي بنى امال على هذه التقارير ، وأصيب بخيبة