ماذا يجرى فى سيناء؟
لا يمكن أن تنظر لوقائع ما حدث ويحدث دون أن تدرك أن هناك الكثير من المسكوت عنه وندرة فيما يتم إعلانه.
هل فعلا تسربت سيناء تماما وخرجت من يد الدولة، الثابت أن هناك ارتباكا رسميا فى التعاطى مع ملف شبه الجزيرة أمنيا وسياسيا وتنمويا، أو هناك وجهات نظر متعددة، وربما ينفذ العنف من بين الثغرات التى يسببها الارتباك بين الرؤى المتباينة.
فى يوليو من العام الماضى راح 16 جنديا فى لحظة غادرة، جرح كبير فى كرامة الجيش المصرى، وألم حقيقى فى نفوس كل الجنود الذين يخدمون فى هذه المناطق. الأرجح أن هؤلاء جنود يعرفون أنهم ليسوا فى نزهة، لكن إذا كان الموت احتمالا، فلا يمكن أن يبقى من فعل هذا فى إطار الاحتمالات طوال الوقت.
الدولة تعهدت بالثأر رئاسة وجيشا، أطلقت العملية نسر، قال الرئيس مرسى إنه يقودها بنفسه، تعهد بإعلان هويات مرتكبى الحادث، تبنى الجيش بعد تغيير قياداته ذات العملية، أصدر البيانات تلو البيانات عن نجاحاتها، تحدثت الرئاسة عن المقبوض عليهم. كان لأهالى سيناء رأى آخر: «هؤلاء يحاربون الكثبان الرملية». مرت الشهور وراء بعضها، ولم نعرف من قتل ومن حرض ومن هؤلاء الذين يرتعون فى سيناء؟
فتح التأخر أو الفشل فى الوصول للمجرمين الباب نحو رواج المؤامرات والتخمينات. حماس نفذت لتعطى الرئيس ذريعة لعزل المشير، ونظرية أخرى روجها القيادى الإخوانى السكندرى على عبدالفتاح أن المشير هو الذى مرر العملية لإحراج مرسى والإطاحة به، وسيناريو إخوانى آخر أن فتح ودحلان هما السبب لتعكير الأجواء مع قطاع غزة. الأرجح أن كلها خيالات، وفى النهاية من يقتنعون بأى منها معذرون لأن المعلومة الحقيقية لا تعلن أو لأن الدولة مازالت لا تعرف.
لكن بيانات سبق أن صدرت من مصادر عسكرية تحدثت أن المتهمين معروفون، لكن الرئاسة تغل يد الجيش عن إعلان ما توصل إليه من حقائق، ومحاسبة من ثبت أمامه تورطهم فى قتل الجنود، مصادر أخرى مقربة من الرئاسة ومكتب الإرشاد، تعتقد أن الجيش هو الذى يغل يد الرئاسة عن مواصلة التفاوض مع الجهاديين ويرفع حق الفيتو فى وجه مشروعات الجماعة فى سيناء.
بالأمس أغلق جنود غاضبون معبر رفح احتجاجا على خطف زملائهم. يواجهون بلوم من جميع الأطراف. لماذا تلومون أناسا ترسخ لديهم إحساس أنهم باتوا مثل الخراف الضالة، سهل اصطيادهم، ومظلة حماية الدولة بعيدة عنهم، وحين يسقطون لن يستطيع ذووهم أن يعرفوا حتى اسم قاتلهم، لأن هناك من يكتم على الشعب حقه فى المعرفة، أو هناك من يضع اعتبارات سياسية أعلى من أرواح المواطنين والجنود.
تقول بيانات الجيش إنه تم تحديد هوية الخاطفين وأماكنهم، وتقول بيانات الرئاسة إن مساعد الرئيس يجرى مفاوضات مع الجهاديين. الرئيس يريد من الجيش أن يحافظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين. قبضة السلطة التنفيذية تخف على مناطق فى البلاد، بورسعيد تلحق بسيناء. الجيش يحاول تعويض غياب الدولة. الجيش يجرى استهدافه واستهداف جنوده. وأنت كمواطن لا تعرف من مع من ولا من ضد من.
ماذا يجرى فى سيناء؟ من قتل الجنود فى رفح؟ من خطف الجنود فى العريش؟ ماذا فعلت الدولة رئاسة وحكومة وجيشا؟ لماذا تخفى عن الشعب الحقائق؟ من يضغط على من لتبقى الحقائق غير معلنة؟ احترموا عقولنا يرحمكم الله