كتب معالي نصال قطامين : حرب غزه المعقدة…
مقالات كتب معالي نصال قطامين : حرب غزه المعقدة…
بين الأثافي الغلاظ، القتل والبرد والجوع، ترزح غزة وحدها بعبء الدفاع عن مركزية القضية وترفع سواري عدالتها، دون إسناد ونجدة ودون غوث ودون عضد.
بينما تقترف آلة الحرب الصهيونية جرائم يندى لها جبين التاريخ في القتل والتجويع، تخفت أصوات الثوّار وحملة البنادق وتخبو في العالم كله، هتافات الإنتفاضات والإنفعال، حيث أضحى مشهد الذين ترديهم آلام الجوع قبل بنادق القتل، عادياً وسرديا..
ألف سؤال تنزلق بوجعه الألسنة، ألف غضب يضطرب به العقل ويهدر به الفؤاد، على أولئك الصامتين، وقد عبأوا صمتهم بالشماتة وجعلوا القتل والتشريد نتائج متوقعة لـــ”عدم التنسيق” وثأراً بغيضاً عارياً من الأخلاق ومن السياسة والكياسة.
كل يوم، يجأر الجوعى بقسوة وبألم، يجثون جوار أجساد تحت الركام لم تدفن بعد، ويترقّبون موتاً مؤجلاً له خيارات كثيرة: جوعاً مذلّاً أو جرحاً لا يجد ضمادة، أو قتلاً “رحيماً” بمسيّرة تحفّ أجنحتها مواقف “الأشقاء”!
كل يوم، يخرج الصبية على الفضائيات، ويبتدروا سؤالاً موقنين من إجابته، لماذا هذا الصمت العربي والغربي المريب؟ كل يوم، يلتئم مجلس الأمن بخجل وبتردد، يوضع أمامهم مشروع قرار خجول، يدرأ به ساسة النفاق عريهم وتخاذلهم، إنهزامهم وجبنهم عن كلمة الحق، فلا يلبث مليّا حتى تخرقه الدول دائمة العضوية ودائمة الصلف والصفاقة الإستعمارية البغيضة، حيث المكان مثالي لكشف الزيف وانحسار الثياب عن الغطرسة.
يصمت العالم ويصمت معه مليارا مسلم، أي نحو ربع العالم، مغلفون بالصمت وبالإنكسار، لا تقوى رماحهم الخشبية على آلات الصهيونية الخرقاء، وصامتون ومعلّقون باحترام السياسة والساسة، وقد أُكلوا جميعا قبل أن يولد الثور الأبيض، فلم تنبس شفاههم ببنت شفة على سوريا وعلى العراق، على اليمن وليبيا، وعلى من انتظم في طابور المقصلة من البلاد والعباد.
يصمت العالم ويرتفع صوت المعتدلين في دولة الكيان، وهم يروا أن عصابة الحكومة الحالية تسير بهم نحو الدم والفناء، بينما ترتفع أصوات الساسة الأمريكان دفاعاً عن ممارسات القتل مرتدين ثيابا ملطخة بالدماء.
في منتصف هذا الإجتثاث الذي يمضي أمام العالم، أمام هذا المحق والإستئصال، قبالة الحديث عن قوى الثورة وعن فصائل المقاومة، عن أدبيات الإنتفاضة وأسلحتها السياسية، عن أسئلةٍ لأوتوغرافات الكفاح ولوائح التنظيم لفتية يبادوا بأعتى آلات القتل ويقتلوا جوعى وجرحى ودون مأوى.
في منتصف العبث والقتل والإبادة والجريمة الكاملة يخرج جلالة الملك الهاشمي الأردني ليقول ما لم يقله أحد، ينتهز كل لقاء وكل اجتماع، ليقول للدنيا أنّ ما يحدث ليس سوى تتار آخر ومحرقة جديدة، إنه يفعل ما يفرض عليه تاريخه وشرعيته وسفر أهله الخالدين في الحرية والعدالة وكلمة الحق.
ثم يخرج حسام زملط سفير فلسطين في لندن ليقول للعالم ما يجب عليهم فعله، ويجأر بعقيرة عالية لا تحسب حسابا لمجد عابر ولا لانتصار مزيّف، يقارع الكذب بالحجة والوهم بالحقيقة، فيحدث فرقا كبيرا في وسائل إعلام العالم التي تبنّت رواية صهيونية واحدة، وأغمضت عن جيش يقتل النساء والشيوخ والأطفال، بل وأغمضت معها منظمات حقوق الإنسان سوى من أداء خجول لا يسقي طفلا ظامىء ولا شيخ يجوع.
في منتصف هذا الضياع، يردد حسام زملط وأردد معه، مرثية الكرامات ونقول معاً لحيدر محمود، أعد قصيدتك، وقل فيها مثل ما قلت من قبل…. “ما أرخص الناس والكرسي من خشب”!