اردوغان التركي يندد بالاسلاموفويبا ردا على قداسة البابا
دعا البابا فرنسيس تركيا المسلمة الجمعة الى “حوار بين الاديان” امام التعصب الذي يعصف بالمنطقة، في حين ندد الرئيس التركي الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان بالاسلاموفوبيا في الغرب.
وفي اول خطاب له اثناء زيارته الى تركيا، طرح الحبر الاعظم نفسه امام اردوغان كمدافع عن الحوار مع الاسلام وعن المسيحيين ضحايا “الاضطهاد الخطير” الذي يرتكبه الجهاديون الاسلاميون في العراق وسوريا.
واعتبر البابا فرنسيس الارجنتيني (77 عاما) ان مهمة تركيا تقضي بان تكون “جسرا طبيعيا بين قارتين وبين تجليات ثقافية مختلفة” موضحا ان “مساهمة مهمة يمكن ان تصدر عن الحوار الديني والثقافي بطريقة من شانها منع كل اشكال الاصولية والارهاب”.
وقال اردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003، اثر استقباله البابا في قصره الجديد المثير للجدل في ضواحي العاصمة “ننظر الى العالم بالقيم ذاتها. آراءنا متشابهة حول العنف”.
وكعادته في مواقف اخرى تطرق اردوغان مطولا الى تنامي الاسلاموفوبيا في العالم الغربي.
وقال ان” الاحكام المسبقة تزداد بين العالمين الاسلامي والمسيحي. الاسلاموفوبيا تشهد نموا خطيرا وسريعا. علينا أن نعمل معا ضد مصادر التهديد التي تلقي بثقلها على عالمنا وهي انعدام التسامح والعنصرية والتفرقة”.
ورغم تنديده بالمنظمات الارهابية مثل القاعدة والدولة الاسلامية، قال اردوغان ان التقدم الذي تحرزه يعود الى ان الشبان الذين يتم تجنيدهم “يعانون التمييز كما انهم ضحايا سياسات خاطئة”.
كما ندد رجل تركيا القوي ب”الخطاب المزدوج” في الغرب حول الارهاب مشيرا الى “ارهاب الدولة” الذي يمارس في سوريا وتمارسه اسرائيل في الاراضي الفلسطينية.
ومنذ توليه السلطة في تركيا التي يحكمها دون منازع، يقدم اردوغان نفسه طوعا كحام للاديان لكنه متهم بشكل منتظم بالسعي الى اسلمة تركيا الجمهورية العلمانية التي تاسست العام 1923.
وقال البابا “انه لأمر اساسي ان يتمتع المواطنون المسلمون والمسيحيون واليهود … بالحقوق نفسها ويحترموا الواجبات نفسها”، مضيفا ان “الحرية الدينية وحرية التعبير اذا تم ضمانهما بشكل فعال للجميع (…) تكونان علامة بليغة عن السلام” في المنطقة.
وتعد زيارة البابا رسالة دعم ايضا لجميع المسيحيين في تركيا الذين يشكلون اقلية صغيرة يبلغ عدد افرادها 80 الفا وسط اكثر من 75 مليون مسلم يشكل السنة اكثريتهم.
وتتساهل السلطات حيالهم لكنها لا تعترف بهم قانونيا كمجموعة لها حقوقها الكاملة.
وكما سبق وفعل خلال الرحلة التي قادته الى انقرة، جدد الحبر الاعظم الاشادة ب”الجهود الكريمة” لتركيا التي تستقبل لاجئين من سوريا والعراق بغض النظر عن انتمائهم الطائفي مؤكدا ان على الاسرة الدولية “واجبا اخلاقيا يقضي بمساعدتها على الاعتناء باللاجئين”.
وفي ختام لقاء له مع الشيخ محمد غورميز ابرز رجال الدين الاتراك ندد البابا فرنسيس مرة ثانية بالتجاوزات “غير الانسانية” للمجموعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق.
وقال البابا من دون ان يسمي بالاسم تنظيم الدولة الاسلامية “بسبب مجموعة متطرفة واصولية هناك مجموعات كاملة خصوصا وليس حصرا من المسيحيين والايزيديين عانت ولا تزال تعاني من اعمال عنف غير انسانية”.
وتابع “ان العنف ضرب ايضا مرافق مقدسة ومعالم ورموزا دينية وتراثا ثقافيا، كما لو ان الهدف هو محو اي اثر او ذاكرة للاخر”.
واضاف البابا ان “العالم يتوقع من الذين يدعون عبادة الله ان يكونوا رجال ونساء سلام رغم الاختلافات العرقية والدينية والثقافية والايديولوجية”.
وقال “ان العنف الذي يبحث عن تبرير ديني انما يستحق اشد الادانات”.
من جهته ندد غورميز بالمجموعات التي تمارس العنف باسم الدين. وقال “الذين ينشرون العنف والكراهية عبر اختيار طريق تتعارض تماما مع دعوة الاسلام الى السلام، يجب ان يعاملوا على انهم متمردون على الخالق مهما كان الاسم الذي يطلقونه على انفسهم”.
وذهب غورميز الى حد القول “نرفض بشدة ان يعتبر مرتكبو هذه الجرائم مسلمين”.
ووفقا لوكالة اي ميديا المتخصصة بشؤون الفاتيكان، فان البابا سيغتنم زيارته لاسطنبول للقاء لاجئين سوريين وعراقيين. وهي بادرة متوقعة منذ الصيف عندما اعلن عن رغبته في دعم العراقيين المسيحيين بكافة طوائفهم والهاربين من الجهاديين الى كردستان العراق.
وسيواصل الحبر الاعظم، وهو الرابع الذي يزور تركيا، زيارته السبت والاحد في اسطنبول.
وبعد ثمانية اعوام على زيارة سلفه، سيزور البابا فرنسيس الاماكن نفسها المشحونة بالرموز التي زارها بنديكتوس السادس عشر، من ضريح اتاتورك الجمعة الى كاتدرائية آيا صوفيا القديمة التي اصبحت متحفا والمسجد الازرق السبت في اسطنبول، وسط اجواء بعيدة عن التشنج.
وكانت رحلة البابا الالماني بنديكتوس السادس عشر عام 2006 جرت في اجواء متوترة بسبب كلام صدر عنه قبيل الزيارة حول العلاقة بين الاسلام والعنف.
واشارت الصحف التركية الى تدابير امنية مشددة مع نشر 2700 شرطي في انقرة وقرابة سبعة الاف اخرين في اسطنبول. كما سيتم اغلاق العديد من الشوارع خصوصا في حي السلطان احمد حيث يقع المسجد الازرق.
وينوي البابا تخفيف حدة الانقسامات مع الارثوذكس حيث من المقرر ان يشارك في قداس الاحد الذي يصادف عيد القديس اندراوس مؤسس الكنيسة الشرقية، مع البطريرك برتلماوس والذي سيصدر معه بيانا مشتركا.