الضغوط الاقتصادية تدفع الشباب الأردني نحو العزوف عن الزواج
غياب الأمان الوظيفي والمهور الباهظة تفاقم المشكلة والمجتمع يدفع الثمن
عالم السياحة:اندبندنت:
يعيش الشباب في الأردن أوضاعاً اقتصادية صعبة، أدت إلى حالة من العزوف عن الزواج، في ظل ارتفاع معدلات البطالة، مترافقة مع عدم وجود خطط رسمية تنقذ الطامحين بتكوين أسرة لإكمال حلم الحياة.
يقول الشاب الأردني معتز جاسر (42 سنة)، إن حلم حياته يرتكز على تكوين أُسرة متواضعة، لكن العقبات أمامه كبيرة وكثيرة وأهمها “عدم العثور على وظيفة مناسبة”. ويضيف جاسر أنه تقدم لخطبة أكثر من ثماني فتيات، جميعهن قابلنه بالرفض، إذ يشترط أصحاب العلاقة وجود وظيفة حكومية أو خاصة براتب مرتفع.
معتز حاله كحال الكثير من الشباب الذين يواجهون صعوبة ارتفاع المهور وندرة الوظائف التي يمكن أن تؤمن لهم حياة أسرية كريمة.
ويرى الباحث في مجال علم الاجتماع والجريمة، حسين المحادين، أن “فكرة الزواج تراجعت بشكل ملحوظ بسبب التكاليف الباهظة والمرتفعة التي تتناقض مع المرجعية الدينية والتقاليد العربية”.
ولفت إلى أن “هناك تهديداً للقيم المجتمعية مع ظهور التكنولوجيا بشكل كبير، مما أسهم في إمكانية إنشاء علاقات خارج مؤسسة الزواج، إضافة إلى بروز الجنس الإلكتروني وسهولته مع مؤسسات وسيطة تقدم تلك الخدمات بشكل مباشر وغير مباشر”.
ويؤكد المحادين أن “لا وجود لما يسمى بالأمان الوظيفي، إنما هناك ما يسمى بتدوير المديونية واللجوء إلى الجمعيات الشهرية، التي قد تسهم بشيء بسيط للتغلب على أمور الحياة، وتعد عائقاً أمام الشباب أيضاً”. ويختم قائلاً إن “المجتمع يتضرر من عدم إقبال الشباب على الزواج”، مطالباً بضرورة وجود “خطط واقعية قابلة للتطبيق من أجل الخروج بحلول مناسبة تسهم في تقليل الأخطار المتوقعة”.
وظائف خاصة
من جهة أخرى، صرح الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل الأردنية محمد الزيود أن “الوزارة أطلقت البرنامج الوطني للتشغيل ويستهدف 60 ألف فرصة عمل مع القطاع الخاص”. وأضاف الزيود أن “البرنامج مكّن 23 ألف شخص من العاطلين من العمل بمباشرة عملهم بالقطاع الخاص، وهناك استمرارية بالعمل وتكثيف الجهود من أجل شمول أكبر عدد من العاطلين من العمل”.
صندوق الزواج
أما وزير العمل والاستثمار الأردني السابق معن القطامين قال إنه “لا وجود لأي خطط من قبل الجهات الرسمية بخصوص زواج الشباب في الأردن”. وأضاف أن “دولاً عربية لديها صندوق للزواج، وتعمل على حضّ الشباب للزواج”، داعياً الى “إنشاء صندوق للزواج في الأردن وذلك لكبح ارتفاع نسب العنوسة بين الشباب”.
وطالب القطامين من الشباب بتأمين “وظيفة قبل الزواج، لأن الإقدام على الزواج وديمومته يتطلب كلفاً مرتفعة”.
انخفاض أرقام الزواج
ووفق المتحدث الرسمي باسم دائرة قاضي القضاة، أشرف العمري، فإن “الدائرة أصدرت تقريراً لعام 2022 يشير الى انخفاض ملحوظ في أعداد حالات الزواج مقارنة بعام 2021 وبنسبة بلغت 15 في المئة”. وأضاف أن “نسبة الانخفاض تتطلب من الجهات المعنية، معرفة الأسباب والتأثيرات المتوقعة لانخفاض أرقام الزواج ومعالجتها”.
المشكلة ليست بالمهور
من ناحية ثانية، صرح نقيب أصحاب محلات الحلي والمجوهرات في الأردن ربحي علان، أن الطلب على شراء الذهب لعام 2023 ضعيف جداً مقارنة بعامي 2018 و2019″. وأضاف أن “المشكلة الأساسية لعزوف الشباب عن الزواج غير متعلقة بالمهور، لكنها عائدة إلى نسبة البطالة وعدم وجود الأمان الوظيفي”.
وأشار إلى أن “الشعب الأردني متفهم لقضية المهور ويقلل منها لتفهمه الأوضاع الاقتصادية، لكن المشكلة تبقى في الرواتب التي تُعتبر قليلة جداً مع المصاريف المفروضة عليهم”.
وقف إسلامي
ووجّه عميد كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، الدكتور عبد الرحمن الكيلاني، رسالة إلى المجتمع الأردني تقول “بضرورة تيسير أمور الزواج حتى يكون الشباب قادراً على إكمال حياته من دون صعوبة أو عناء”. وأضاف أنه “من الضروري إقامة وقف إسلامي من حيث المسكن والأجور المتدنية لتشجيع الشباب على الزواج، مع تقليل المهور أيضاً من قبل أولياء الأمور”.
وختم أن “المجتمع يتضرر كثيراً بعزوف الشباب عن الزواج، والتفكير بطرق أكثر سلبية”، داعياً “الجميع إلى التكاتف لمساعدة الشباب وتأمينهم بتكوين حياة أسرية”.