سفيرة الاتحاد الأوروبي في الأردن د. يؤانا فرونيتسكا
يوم أوروبا – ذكرى إعلان شومان هو مناسبة رائعة للاحتفال بالطريقة التي تمكنا فيها في الاتحاد الأوروبي من التغلب على الخلافات طويلة الأمد لتشكيل مستقبل مشترك.
أنشأنا دبلوماسية للاتحاد الأوروبي لضمان أنه عندما نتكلم، يكون صوتنا مسموعا وموحدا
في 9 أيار 1950 دعا روبرت شومان لتوحيد أوروبا لجعل نشوب الحرب في القارة مستحيلا ونشر السلام والازدهار على الصعيد العالمي.في جميع أنحاء العالم، سواء في القاهرة أو في كييف، تتطلع الشعوب لتحقيق القيم المشتركة التي اعتمدناها في الاتحاد الأوروبي: الحقوق والحريات الشخصية، والحاكمية الديمقراطية، وسيادة القانون والعيش الكريم .
تظهر الأحداث الأخيرة في أوكرانيا أنه ينبغي علينا ألا نأخذ مطلقا هذه القيم على أنها أمر مفروغ منه. في أوروبا اليوم، نرى أن الديمقراطية هي مسيرة مستمرة في التقدم؛ ونحن نتقاسم المسؤولية لحمايتها وتعزيزها. سنقف الى جانب أولئك الذين يدعون سلميا لها.
أنشأنا دبلوماسية للاتحاد الأوروبي لضمان أنه عندما نتكلم، يكون صوتنا مسموعا وموحدا. عندما نشارك في العمل فإن مشاركتنا تحدث فرقا. يدرك مواطنونا تماما أنه في مواجهة التحديات الكبرى مثل الدول الهشة، والأوبئة، وأمن الطاقة، وتغير المناخ، والهجرة، نكون أكثر فعالية معا.
في الأزمات في جميع أنحاء العالم، يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجا شاملا يجمع بين كل الأدوات التي في حوزتنا: الأدوات الدبلوماسية والتنموية والإنسانية والأمنية والاقتصادية. وهذا لا يتيح لنا معالجة الأعراض فحسب، بل أيضا الأسباب التي أدت إلى المشاكل التي نواجهها .
لننظر إلى استجابة الاتحاد الأوروبي للأزمة السورية، حيث أننا بفضل التعاون مع البلدان المضيفة، تمكنا مع الدول الأعضاء من تأمين أكثر من 2.8 مليار يورو، وهي أكبر مساهمة دولية، مما يجعل الاتحاد الأوروبي أكبر جهة مانح للأزمة. وبما أن الاتحاد الأوروبي أقر بالأثر الاقتصادي للأزمة على البلدان المضيفة، فقد قدم للأردن أكثر من 246 مليون يورو على مدى العامين الماضيين كمساعدات إنسانية وإنمائية، وذلك لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة. سنستمر في الالتزام بمساعدة الأردن في هذا الصدد.
لقد تشرفت بمواكبة تجربة التعاون عن كثب مع شريك متميز للاتحاد الأوروبي مثل المملكة الأردنية الهاشمية. لقد تم منح الأردن شراكة “الوضع المتقدم” تقديرا لكونه محاورا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط. العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والأردن قوية، وتمثلت أيضا من خلال زيارة جلالته إلى بروكسل في شهر كانون الأول، حيث اتفق الاتحاد الأوروبي والأردن- من بين أمور أخرى – على بدء التفاوض على شراكة التنقل. وهذا سيمثل خطوة أخرى نحو المزيد من البناء على علاقاتنا القوية. هذا العام، نتطلع أيضا إلى إطلاق مفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة عميقة وشاملة مع الأردن، تتجاوز إزالة التعريفات الجمركية لتشمل جميع المسائل التنظيمية ذات الصلة بالتجارة، بهدف تحسين فرص الوصول إلى الأسواق ومناخ الاستثمار في المملكة، وبالتالي العمل بمثابة المحرك الاقتصادي لنمو الوظائف. أما بالنسبة للإصلاحات السياسية والاقتصادية، سنواصل تقديم دعمنا للمناطق وبالوسائل الممكنة، لدعم رؤية جلالة الملك لتعزيز الديمقراطية العميقة في البلاد.
لقد كان للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والدعم المالي دور أساسي في مصاحبة الإصلاحات النابعة من الداخل. قدم الاتحاد الأوروبي للأردن 314 مليون يورو خلال الفترة 2011-2013، تضمنت 91 مليون يورو كتمويل إضافي من الاتحاد الأوروبي، يستهدف دعم الحاكمية الرشيدة والاصلاحات الديمقراطية والمجتمع المدني وتعزيز العدالة الاجتماعية.
عام 2014هو عام له أهمية خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. قبل عشر سنوات انضم عشرة أعضاء جدد لاتحادنا. كانت توسعة عام 2004 خطوة حاسمة نحو التغلب على عقود من الانقسام في قارتنا. منذ ذلك الحين انضم ثلاثة أعضاء جدد لمجتمعنا؛ وهذه شهادة على استمرارية الجذب نحو علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
هذا العام هو أيضا ذو أهمية خاصة للمواطنين الأوروبيين. سيتوجه الناخبون خلال الفترة 22-25 أيار الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي القادم. هذا يعني أنه سيكون للمواطنين رأي واضح في أولويات الاتحاد الأوروبي للسنوات الخمس المقبلة .
اليوم هو يوم أوروبا وهو فرصة لنا جميعا: ليس فقط لإحياء ذكرى الانجازات السابقة، بل أيضا لنتطلع إلى الأمام في الكيفية التي يمكننا فيها تشكيل مستقبلنا الأوروبي معا، والتعلم من خبرات بعضها البعض، وتعزيز عالم ينعم بمجرد السلام والازدهار – في كل من أوروبا وفي جميع أنحاء العالم