المبيضين يكتب : تغوَّل البنوك على المواطن..؟
عالم السياحة:
مقالات-عن-ديرتنا – كتب توفيق المبيضين
من المعلوم ان العلاقة بين أي بنك و المدين المقترض منه بضمان رهن عقاري ، وعند حدوث تعثُّر للمدين ، هي محكومة في ثلاثة قوانين بالاضافة لقانون البنوك ، وهي:
قانون التجارة
القانون المدني
قانون التنفيذ
وأن الشروط الواجب توفرها في سند الرهن / سند تأمين الدين هي ( ان يكون الدين معلوم ، مُحدّد المقدار ، مُعيّن الأداء ” أي تحديد فترة زمنية له / فترة إستحقاق للدين”….
فبموجب القوانين الحالية ، تقوم البنوك بالتّغوّل على المُتعثرين ، حيث يتم ما يلي :
يُسمح للبنك على سند الرهن بتعيين الأداء بـ ( غب الطلب) ، وهذا يتعارض ويخالف شروط عقد القرض الموقع ما بين البنك والمُقترض ، حيث يوجد في العقد فترة إستحقاق / فترة سداد او تاريخ إستحقاق لآخر قسط ، حيث حاليا ، تُرك الأمر للبنك بتحديده بـ (غب الطلب) وفي كافة او معظم حالات الرهن ، وهنا المُقترض مُجبر على هذا الشرط والتوقيع عليه .
(وحسب القوانين الحالية) لا يوجد في سند الرهن / سند تأمين الدين (في حالة دين البنك) ، ما يُشير إلى ان هذا الرهن / هذا العقار (موضوع السند) ، مرتبط بشكل أساسي بالقرض الممنوح من البنك الفلاني للمدين الفلاني ، بتاريخ كذا وكذا ، حيث ما يحدث الآن ، ان البنوك وفي حال تعثّر المدين ، تقوم برفع قضيتين منفصلتين ، القضية الأولى المطالبة برصيد القرض وفوائده ، والقضية الثانية بقيامه الطلب بالتنفيذ على سند الرهن بقيمته المكتوبة على السند وبفائدة أخرى ، وهي الفائدة المُثبتة على سند الرهن…. ، وبهذه الحالة ، يقوم البنك بإستيفاء قيمة دينه وفوائده مرتان ، مرة من خلال قضية بعقد القرض ، واخرى من خلال قضية تنفيذ سند الرهن/ سند التأمين ، وأعتبار إحتساب الفائدة على سند الرهن من تاريخ تحرير السند ، حيث أمل إستعادة المقترض لأي زيادة إستوفاها البنك منه ، ضئيلة جدا ، و هذا الأمل معقود برفعه قضية أخرى جديدة على البنك تسمى ( إسترداد) .
كذلك ، وبموجب القانون الحالي ، يتم فصل سند الرهن العقاري عن عقد القرض الممنوح من البنك للمدين ، وإعتبارهما عند التعثّر وطلب التنفيذ ، عمليتان مختلفتان ومستقلتان عن بعضهما البعض ( أي وكأنهما قرضان منفصلان) ، ما يتيح إلحاق الظلم والإجحاف بحق المدين ، وأعتبار دينه عند المطالبة وكأنه مُضاعف ، وكذلك يقوم البنك بالمطالبة بفائدة سند الرهن من تاريخ تحريره ، علما ان المقترض مطالب بها في عقد القرض وكان يسددها بإنتظام قبل تعثره ، بحيث ما يحدث الآن ، يوجب المقترض بدفع قيمة رصيد القرض متضمنا الفوائد ، كذلك عليه دفع قيمة سند الرهن / سند التأمين متضمنا أيضا الفوائد .
كذلك يتم حاليا السماح للبنوك بتحديد سعر الفائدة على سند الرهن ، دون أي قيد او شرط ، على أعتبار ان هذا متفق عليه بين الطرفين ، و في حقيقة الأمر ، فهو غير ذلك ، حيث يفرضها البنك على المقترض ، فهو الحلقة الأضعف .
عدا عن ذلك ، تقوم البنوك بإحتساب الفائدة / الفوائد حسب سياساتها وإجراءتها وبرامجها في منح القروض ، وليس هناك أي مُحددات يُمكن لها ان تحمي المدين/ المقترض ،من تغوّل البنك .
اقترح على الحكومة والبنك وديوان التشريع والبنك المركزي ، ومجلسي النواب والأعيان ما يلي :
إجراء تعديلين على قانون التنفيذ ، الأول ، وضع شرط إستثنائي في سند الرهن / سند التأمين ، يُشير بكل وضوح إلى ما يلي : ( هذا السند مرتبط بعقد القرض الممنوح من البنك للمقترض ، ويُعتبر ضمانة لذلك القرض ، وليس دينا / قرضا مختلفا عنه )…
الاقتراح الثاني ، ومنعا للتغوّل والإجحاف ، تعديل قانون التنفيذ بإضافة مادة وشرط وهو (عدم السماح للبنوك و أي من الشركات المملوكة او التابعة لها ومهما كانت مسمياتها واي شخص آخر ، بالدخول في مزاودات بيع العقار المرهون ، بأقل من 70% من القيمة المُقدرة للعقار عند الرهن او حسب تقدريرات لجنة دائرة الأرضي او الخبراء المعروض للبيع) ، حيث ما يحدث حاليا ، فيه إجحاف كبير بحق المقترض ، ويتم بيع عقاره بأسعار بخسة ، تستفيد منه البنوك وتزيد من ثرائها ومساهميها ، وهذا حرام بمعنى الكلمة ولا يجوز ، ولا يحدث مثل هذا إلا في شريعة الغاب ، وقد تكون أرحم ، وإغفالها أو غمض العيون عنها هي (جريمة مُقوننة)..!
وبهذه التعديلات ، أرى انه يتم حفظ حقوق كافة الأطراف دون أي ظلم او إجحاف لأي منهم ، ودون تغوَّل أي طرف على طرف.
مدير بنك سابق
مدير تحرير ديرتنا الإخبارية