مقهى “نَسَوية كافيه” بوسط العاصمة اللبنانية
يجمع مقهى “نَسَوية كافيه” بوسط العاصمة اللبنانية، نساء المجتمع اللبناني الباحثات عن التغيير والدفاع عن حقوق المرأة. وحتى مفاهيم يفرضها المجتمع والثقافة تريد نسوية أعادة صياغتها للوصول إلى فهم صفات “الذكورة” و”الأنوثة”. أن تدافع المرأة عن حقوقها فالأمر جد طبيعي. أن تتوجس من التحرش، أن تخشى العنف، أن تتطلع إلى المساواة والحقوق العادلة… فالأمر جد طبيعي، والطبيعي – امتدادا- هو انبثاق أفكارٍ تؤكد الحقوق النسوية وتُنشد الغدَ المُشرق. لبنان، في الإطار، بلدُ الحريات وقلبُ العرب النابض، يشهد ولادةَ أفكارٍ نسويةِ الهوى، حقوقيةِ المضمون ومُتميّزة شَكْلاً. DW عربية زارت مقهى “نَسَوية كافيه” في وسط بيروت، وعادت بالتقرير التالي. هنا بيروت في قلب العاصمة اللبنانية مكان يبدو غريبا بعض الشيء. كلُّ مهتم لقضايا المرأة ونضالاتها يقصُدُه. “لا للعنف”، “نعم للمساواة”، “لا للعنصرية”، شعارات مُعممة في أرجائه… هو “نسوية كافيه”، أسم مقهىً أنشأته، قبل سنة ونصف، مجموعةٌ نسائية من المتحمسات لنصرة حقوق المرأة. الهدف من الفكرة تهيئةُ مساحةٍ يستطيع من خلالها “المناصرون” لحقوق المرأة أن يلتقوا لمناقشة قضايا نسوية المقهى تدير أعمالَه مجموعةٌ من النساء المؤمنات بقضايا المرأة. تقول الناشطة “جويل مفرّج” لـ DW إن الفكرة وراء إنشاء المقهى كانت إيجادَ مساحة لمناقشة موضوعات مختلفة يجمعها عنوان عريض هو: المرأة. “مفرّج” تضيف أن “المقهى يشهد نشاطات مختلفة، كما يحوي على مجموعة قيمة من الكتب، يمكن لكل زائر أن يتصفحها، وقد تكون فرصة للانضمام إلى جمعية نسوية”. وعلى الرغم من وجود 50 ناشطة، يمثلن القلب النابض للحركة النسوية، فإن العضوية لا تقتصر عليهن، إذ بإمكان كل مؤمن بقضايا النساء الانتساب إليها، المهم هو الالتزام والإيمان الصادق بقضايا المجموعة. حسب قول “مفرّج”، التي تضرب أمثلة حول أسلوب دعم قضايا المرأة، بالقول “رفض التمييز ضد المرأة، والحق بالمساواة في المعاملة والأجور في مكان العمل، إضافة إلى تشجيع النساء كي ينشئن مشاريع أو مؤسسات صغيرة تدعم النساء والعمال والعاملات في بيئات ودية، كما الاضطلاع بدور فاعل في العملية السياسية وبدور قيادي في الإصلاحات السياسية”. التغيير.. أساس البنيان ليس في “نسوية كافيه” مسؤول واحد، إنما ناشطات توحدهن القضية. وتقول الناشطة رولا ياسمين، التي تمضي أغلب وقتها في المقهى، إن ما تحقق هو بمثابة حلم؛ “وهو فكرة أولى من نوعها في لبنان، وقليلة التواجد في العالم، حيث أوجدنا مكانا لكل الناس، يُعيد الإنسان إلى إنسانيته، من دون تمييز على أساس الجنس بين رجل واُمرأة، أو بين الإثنيات واللون”. وتقول ياسمين لـ DW إن التغيير ربما لن يتحقق في القريب في مجتمع ذكوري مثل المجتمع اللبناني، لكنها متفائلة “على الأقل نضيء على قضايا النساء، وأقله أوجدنا مساحة للثقافة والنقاشات المفيدة، فأن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام، وحتى الآن حصدنا نجاحات كبيرة، من خلال نشاطاتنا” إحدى وعشرون قضية إنطلاقا من إيمانها الراسخ بما تصفه بالقيم النسوية، تسعى نسوية إلى العمل على إحدى وعشرين قضية، منها: رفض التمييز، تعزيزُ صورة ذاتية إيجابية وصحية لدى النساء وترسيخ احترام الذات، وتشجيع النساء على الحديث عن تجاربهن ومواجهة المتحرشين بهم ومعاقبتهم، بالإضافة إلى دعم الناجيات من التحرش والاغتصاب استعادة الوسائل التكنولوجية لصالح المرأة، ودعمها وتمكينها في إبداع وسائل تكنولوجية إستراتيجية واستخدامها في نضالها النسوي، دعم عملية الإصلاح السياسي، وفرض الكوتا. كذلك مناصرة حق المرأة في نيل حقوق المواطنة كاملة في القانون والسياسة، مع حفظ المساءلة القانونية الكاملة ووضع هذه المقررات موضع تنفيذ فوري والتأكيد على دعم وتشجيع الحركات النسوية في مناطق الجنوب حول العالم. “الجندر” بدلا من “الجنس” إن أردتَ التوجه إلى “نسوية كافيه” فعليك التنبه إلى دقّة تعابيرِك المُستخدمة. أحرص مثلا على استخدام تعبير “جندر”Gender عوضا عن “الجنس” sex؛ ففي حين أن الأخيرة تُصنف الناس في خانتين مختلفتين، أي رجل واُمرأة، مع صفات بيولوجية واختلافات كامنة، فإن “جندر” تُبين بالنسبة لنسوية “أننا نؤمن بأن الثقافة والمجتمع هما اللذان يفرضان ما هي صفات “الذكورة” و”الأنوثة”.