الملك يلقي خطابا في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في لندن
عالم السياحة – WTTEN- (بترا)- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني “إننا في الأردن عازمون على الاستمرار في البناء على نقاط القوة في بلدنا، وفي مقدمتها شعبنا العزيز، العنصر البشري الموهوب المتعلم والبارع في أمور التكنولوجيا والمتمتع بوعي عالمي”.
وشدد جلالته، في خطاب ألقاه أمام المشاركين في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي، الذي تستضيف لندن دورته التاسعة، على أن “الأردن يتميز بموقع جغرافي استراتيجي فريد في المشرق العربي، ما يجعلنا منصة استراتيجية للوصول إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نطاق أوسع، ومركزا عالميا يلتقي فيه الشرق والغرب”.
وأضاف جلالته، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، الذي يشارك فيه نحو 2700 من القيادات العالمية، ويناقش التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول الاسلامية من منظور عالمي، إن “اتفاقيات التجارة الحرة التي يمتاز بها الأردن مع الاقتصادات الكبرى، تفتح الطريق للوصول إلى أكثر من مليار مستهلك”، مبينا أن “مملكتنا هي الوجهة الأفضل للعاملين في مجالات الصناعات التحويلية، والتعاقد الخارجي للتصنيع والخدمات المساندة، والتوزيع وإعادة التجميع، ومراكز الاستشارات، والخبرات في البنى التحتية، وإعادة الإعمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وأشار جلالته في الكلمة إلى أن للتمويل والعمل المصرفي الإسلامي دورا حيويا، والأردن يفخر بأنه من أوائل من تبنوا الأعمال المصرفية الإسلامية التجارية الحديثة، ففي عام 2012، أقر مجلس الأمة الأردني تشريعات جديدة تتعلق بالصكوك الإسلامية لتشكل إطارا يمكّننا من ترسيخ وتنمية التمويل الإسلامي، ما يوفر آليات جديدة لتمويل الحكومة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها، ويساهم في جهود الحد من الفقر.
وأكد جلالة الملك “أنه وبالرغم من الأزمات العالمية الأخيرة والاضطرابات الإقليمية، لا يزال الأردن يمثّل ملاذا آمنا ومستقراً لشركائنا. فقبل بضعة أسابيع، جددت المؤسسات المالية الدولية ثقتها في استقرار الأردن، وتوقعت لاقتصاده نموا جيدا، وأشادت بتقدمه في مواجهة الهزات الخارجية، والتزامه ببرنامج الإصلاح الوطني”.
وقال جلالته “لدينا أيضا بيئة تنظيمية مُمَكِّنَة لنمو الفرص، مع حوافز جاذبة، ومناطق تنموية اقتصادية، ومجمّعات أعمال، ومدن صناعية، ومناطق حرة، وغيرها. والفرص مُهيأة ومتوفرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات المهنية، والخدمات المالية، الهندسية، والصناعات الزراعية، والسياحة، والرعاية الصحية، وصناعة الأدوية، والخدمات التعليمية وغيرها. ولدينا أيضا فرص في مشاريع كبرى في قطاعات المياه، والطاقة، والنقل، والبنية التحتية”.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب جلالة الملك: بسم الله الرحمن الرحيم، أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام، شكرا لكم جميعا. واسمحوا لي أن أشكر زملاءنا الماليزيين على جهودهم القيادية التي تكللت بحضور هذه المجموعة المتميزة لهذا الحدث. أعلم أنني أتحدث أيضا بالنيابة عن الجميع عندما أشكر أصدقاءنا ومضيفينا البريطانيين على استقبالهم الحار لنا.
أصدقائي، إن كنا قد تعلمنا شيئا عن الاقتصاد العالمي في العقدين الماضيين، فهو أن العولمة لا تعني التشابه المطلق، وأن “الممارسات الفضلى” لا تنتج عن التفكير الأحادي، وأن الشراكات الحقيقية هي تلك التي تحقق مصلحة الجميع، وإلا فإنها ليست شراكات على الإطلاق. وفي هذا المنتدى، آمل أن تكونوا في طليعة جهود بناء علاقات جديدة، وابتكار طرق للقيام بالأعمال، واستحداث ممارسات من أجل حقبة جديدة من النمو الحقيقي الشامل.
بإمكان جميع المسلمين في سائر أنحاء العالم، بل يجب عليهم، أن يشاركوا في الإنتاجية العالمية وتحقيق الازدهار. وهذا يتطلب وجود أدوات اقتصادية بمستويات مختلفة: ابتداء من التحالفات العالمية، وصولاً إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ويجب أن نعمل بنشاط على إشراك الشباب والشابات، فهم أمل المستقبل ومصدر قوته. ويتوجب على مجتمع الأعمال أن يعطي الأولوية لتلبية طموحات الشباب في كل مكان من حيث توفير الوظائف، الجيدة منها تحديداً، والمستقبل الآمن، والفرص الكفيلة بتحقيق الإبداع والتميز.
وهذا أمر في غاية الأهمية في منطقتنا. صحيح أننا نشهد اليوم اضطرابات، بعضها خطير جدا، لكننا نشهد أيضا أملا كبيرا، وفرصا واعدة. ونحن نعمل معا من أجل وضع حد للصراع الإقليمي، وإيجاد حل للأزمة السورية، وتحقيق السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية. ويجب علينا تباعا أن نشرع ببناء المستقبل الأفضل الذي تستحقه شعوبنا.
لقد بدأ الأردن فعليا بذلك. فبالنسبة لنا، يسير الإصلاح السياسي والاقتصادي جنبا إلى جنب. ونحن ندرك أن المولّد الأساسي والأقدر للنمو الشامل والوظائف يكمن في شراكة حقيقية تبنى على نقاط القوة في القطاعين الخاص والعام والمجتمع المدني. ونحن ملتزمون في الأردن بالعمل مع الشركات والمستثمرين لفتح أبواب الفرص وإبقائها مُشرعة.
وللتمويل والعمل المصرفي الإسلامي دور حيوي. والأردن يفخر بأنه من أوائل من تبنوا الأعمال المصرفية الإسلامية التجارية الحديثة. ففي عام 2012، أقر مجلس الأمة الأردني تشريعات جديدة تتعلق بالصكوك الإسلامية لتشكل إطارا يمكّننا من ترسيخ وتنمية التمويل الإسلامي، ما يوفر آليات جديدة لتمويل الحكومة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها، ويساهم في جهود الحد من الفقر.
وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية، أثبتت المصرفية الإسلامية أنها أكثر أمانا من الطرق التقليدية، وأقدر على التكيّف، وقد نمت بشكل هائل. ولا تزال هناك إمكانيات ضخمة غير مستغلة للخدمات المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي في منطقتنا. والأردن، بدوره، ملتزم بالمساعدة في تحقيق هذه الإمكانيات.
إنني فخور أنه وبالرغم من الأزمات العالمية الأخيرة والاضطرابات الإقليمية، لا يزال بلدنا، الأردن، يمثّل ملاذا آمنا ومستقراً لشركائنا. فقبل بضعة أسابيع، جددت المؤسسات المالية الدولية ثقتها في استقرار الأردن، وتوقعت لاقتصاده نموا جيدا، وأشادت بتقدمه في مواجهة الهزات الخارجية، والتزامه ببرنامج الإصلاح الوطني.
ونحن عازمون على الاستمرار في البناء على نقاط القوة في بلدنا، وفي مقدمتها شعبنا العزيز، العنصر البشري الموهوب المتعلم والبارع في أمور التكنولوجيا والمتمتع بوعي عالمي. ويتميز الأردن أيضا بموقع جغرافي إستراتيجي فريد في المشرق العربي، ما يجعلنا منصة استراتيجية للوصول إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نطاق أوسع، ومركزا عالميا يلتقي فيه الشرق والغرب. أما اتفاقيات التجارة الحرة التي يمتاز بها الأردن مع الاقتصادات الكبرى، فهي تفتح الطريق للوصول إلى أكثر من مليار مستهلك. إن مملكتنا هي الوجهة الأفضل للعاملين في مجالات الصناعات التحويلية، والتعاقد الخارجي للتصنيع والخدمات المساندة، والتوزيع وإعادة التجميع، ومراكز الاستشارات، والخبرات في البنى التحتية، وإعادة الإعمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولدينا أيضا بيئة تنظيمية مُمَكِّنَة لنمو الفرص، مع حوافز جاذبة، ومناطق تنموية اقتصادية، ومجمّعات أعمال، ومدن صناعية، ومناطق حرة، وغيرها. والفرص مُهيأة ومتوفرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات المهنية، والخدمات المالية، والهندسية، والصناعات الزراعية، والسياحة، والرعاية الصحية، وصناعة الأدوية، والخدمات التعليمية وغيرها. ولدينا أيضا فرص في مشاريع كبرى في قطاعات المياه، والطاقة، والنقل، والبنية التحتية.
وفي جميع هذه المجالات، والكثير غيرها، ستجدون الأردن وشعبه ومؤسساته في القطاع العام والخاص والمجتمع المدني شركاء لكم في مستقبل مزهر. وآمل أن تلتقوا مع العديد من ممثلينا وشركاتنا هنا خلال هذا الأسبوع. وأنا أدعوكم لزيارة الأردن، واستكشاف الفرص الاقتصادية التي يوفرها.
أصدقائي، إن هذا المنتدى يتبنى الروح الإبداعية والمشاريع التقدمية ذات الرؤية المستقبلية الطموحة، التي تشكل الاقتصاد الإسلامي العالمي اليوم. ويمكن لمليارات المستهلكين من جميع الأديان والمناطق الاستفادة من الشراكات التي تؤسسون لها هنا.
وأتمنى لكم في النهاية كل التوفيق والنجاح.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي تستضيفه بلاده، الحرص على تعزيز التعاون بين بريطانيا والعالم الإسلامي، وتوفر البيئة المناسبة لفتح قنوات جديدة للاستثمار، لاسيما في الأدوات المالية الإسلامية.
وقال” لندن أصبحت عاصمة عالمية للاستثمار والتمويل الإسلامي، وتوفر البنية المناسبة لنمو هذا النشاط، لدرجة أصبحت الاستثمارات الإسلامية تسهم بشكل فاعل في النمو المتحقق في البلاد”، لافتا إلى أن حكومته اعلنت امس عن اصدار أول سندات اسلامية (صكوك) بقيمة 200 مليون جنيه في السوق البريطانية، بسبب الطلب المتنامي على هذا النوع من التمويل.
ويناقش المنتدى، الذي يعقد لأول مرة في دولة غير إسلامية (بريطانيا) تحت شعار “تغيير العالم، علاقات جديدة”، موضوعات تتعلق بالفرص الاستثمارية المتاحة في الدول الاسلامية وبيئة الأعمال، وعمليات التمويل المصرفي الإسلامية.
ويجمع المنتدى، الذي أنبثق عام 2003 عن اجتماع منتدى الأعمال لمنظمة المؤتمر الاسلامي في ماليزيا، قادة الدول ورؤساء الحكومات في الدول الاسلامية، إلى جانب قادة الأعمال والأكاديميين والخبراء الاقليميين والمهنيين في هذه الدول، لمناقشة فرص إقامة شراكات في قطاع الأعمال في العالم الاسلامي بهدف تعزيز النمو الاقتصادي للدول والشعوب الإسلامية، من خلال زيادة فرص التبادل التجاري وشراكات الأعمال بينها وبين دول العالم.
ويعقد المنتدى، الذي تنظمه مؤسسة المنتدى الاقتصادي الاسلامي العالمي بالتعاون مع بلدية لندن، وبمشاركة ممثلين لنحو 182 دولة حول العالم، في مركز اكسل لندن للمعارض الذي يقع على نهر التايمز، وتملكه شركة أبوظبي الوطنية للمعارض (أدنيك)، ويعد أفضل مركز لإقامة المعارض والمؤتمرات على مستوى أوروبا.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور ابراهيم سيـف، إن مشاركة جلالة الملك في المنتدى الاقتصادي الإسلامي التاسع، تأكيد على إهتمام الأردن بطرح البيئة الاستثمارية والتشريعية وتحديات التنمية أمام المشاركين في المنتدى، وسبل توفير أدوات تمويل إسلامية لمواجهة هذه التحديات.
وأضاف إن المنتدى يعد فرصة مهمة للمملكة كونه يعرض أدوات التمويل الجديدة للتنمية التي تعتمد على الأدوات المصرفية الاسلامية في العالم، لاسيما في الدول الإسلامية من جهة، ويعرف المشاركين بالتجربة الأردنية في هذا المجال من جهة أخرى.
وقال” السوق العالمية للتمويل الإسلامي تتطور، والأردن يدرك أهمية أن يكون مشاركا في هذا النوع من المشروعات، التي تلبي احتياجات الأردن التمويلية لعدد من المشروعات الاستراتيجية، لاسيما وان دول الخليج العربي والدول الاسلامية تعد واعدة في هذا المجال”.
والتقى جلالة الملك على هامش المؤتمر، سلطان بروناي، حسن البلقية، والرئيس الأفغاني حامد كرازاي، ورئيسة الكوسوفو عاطفة يحيى آغا.
وجرى خلال اللقاءات بحث علاقات التعاون الثنائية وسبل تطويرها في مختلف المجالات، إلى جانب تطورات الأوضاع في الشرق الاوسط، خصوصا عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والأزمة السورية ومستجداتها.
وثمن رؤساء الدول دور جلالة الملك في تعزيز العلاقات مع بلدانهم بما يخدم المصالح المشتركة.
وقدر الرئيس كرازاي، خلال اللقاء مع جلالة الملك، دعم الأردن لأفغانستان من خلال المساعدات الإنسانية والطبية.
بدروها، أشادت رئيسة الكوسوفو بالمساعي التي يبذلها الأردن لتعزيز الحوار بين الشعوب، وإيصال الصورة الحقيقية للدين الإسلامي السمح لجميع شعوب العالم.
كما التقى جلالته على هامش المنتدى، عمدة لندن بوريس جونسون، وبحث معه مجالات التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين، وسبل استفادة الأردن من التجربة البريطانية في إدارة المدن والبلديات.
وحضر اللقاءات رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، والسفير الاردني في لندن مازن الحمود.