عالم السياحة:اعتاد العالم على التسامح مع كل ما لا يحتمل من الانتهاكات الإسرائيلية، بل ويتوقع أن يقوم الفلسطينيون بالأمرذاته. ولسان حالهم يقول للشعب الفلسطيني: لا تشتكي، اتبع الأوامر،أطلب سلمًا واحترم القواعد التي يمليها عليك الاحتلال. كل ذلك بات مطلوبا من الفلسطينيين بالرغم من استمرار التهجير، والتجريد، والإذلال على نحو مستمر كل يوم وعلى كل بقعة أرض لما تبقى من فلسطين منذ 73 عامًا حتى الآن.
إن القمع الذي تجسده الاعتداءات الإسرائيلية في القدس على المدنيين المسالمين في حي الشيخ جراح، وضع حدًا جديدًا في هاوية خطيرة. الأمر غير الممكنتحمله ولا التعايش معه. حي الشيخ جراح، الذي هب الفلسطينيون دفاعاً عنه، كغيرهفي أي جزء من القدس وأي جزء مما يسمى إسرائيليمثلخلاصة المصير الذي يعانيه الفلسطينيون منذ عام 1947: أوامر إخلاء وعنف وهدم منازل أوترحيل من حياتهم الفلسطينية، وبيعها، أو منحها لشخص آخر، شخص إسرائيلي يهودي، أولأي شخص غير المالكين الشرعيين الفلسطينيين.
ما يشهده الفلسطينيون اليوم في الشيخ جراح هو نكبة جديدة، تذكرنا بما حدث للكثيرين منهم أو لأسلافهم من الجليل إلى النقب منذ عام 1947. إنه سطو مؤسسي، وتطهير عرقي، وجزء من حملة منهجية مستمرة بلا هوادة في كل مكان يوجد فيهالفلسطينيون، من يافا إلى غور الأردن، من تلال الجليل الخضراء إلى أراضي صحراء النقب، حيث دمرت الجرافات الإسرائيلية قرية(العراقيب) أكثر من 186 مرة.
يكفي! صرخة ترددهاالاحتجاجات في الشيخ جراح، ويافا، وأم الفحم، ومدن عربية أخرى، حيث خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الشوارع للتظاهر ضد القوات الإسرائيلية واستخدامها المفرط للقوة ضد المتظاهرين. إذا كان العالم قد تغاضى عن إفلات دولة الاحتلالالإسرائيلي من العقاب على مدى عقود، وطلب من الفلسطينيين التحلي بالصبر، لكن الآن الأمر لم يعد يطاق.
لا يريدالشبان والشابات الفلسطينيونوعوداًفارغة ومجاملات سياسية زائفة.
ولا يظهرالمتظاهرون الشباب أي خوف، فالجميع بلا استثناء جزء من حراكواحد يرددون شعارات وطنية،جعل الكثير من المعلقين يذكرون بالانتفاضة الأولى.يعد هذا الحراكشكل جديد من أشكال النضال الفلسطيني، فلأول مرة لا يشمل المظلومين والمضطهدين في الضفة أو غزة فحسب. فالمد يتصاعدهذه المرة في كل مكان، داخل القدس وداخلمناطق دولةالاحتلال الإسرائيلية. مع قناعتهم أن السياسة الإسرائيلية تتغيروقد فقدت أيادعاء ببراءة طالما تظاهروا بها، وأن اليمين الجديد بقيادة نتنياهو مستعد لخلع أقنعته. في اليوم الذي سبق كتابة هذا البيان، الجمعة 7 أيار/مايو 2021، هجمت القوات الإسرائيلية مجدداً على المصلين العزل في المسجد الأقصى وتم تسجيل ما يقارب 200 مصاب واعتقال العديد من الفلسطينيين، وهذا التصعيد الخطير يؤكد العنف الذي تمارسهدولة الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين من جديد.
وسط كل هذا، يعيد الجيل الجديد اكتشاف الحاجة إلى النزول إلى الشوارع للاحتجاج، شباب وشيباً مع قيادات نسائية. هؤلاء النساء خرجن إلى الشارع ودققن ناقوس الخطر على وسائل التواصل الاجتماعي،مطالبات بوحدة الصفوف،وهن يواجهن جنود الاحتلال وعنفهم بلا خوف ولا هوادة.
نساء داخل فلسطين وخارجها هن كثر،نذكر منهن منى الكرد حفيدة أيقونة الصمود رفقة الكرد التي توفت العام الماضي وهي مرابطة في منزلها،والتي اعتقلت أمس لتنضملشقيقها الشاب الذي اعتقل قبل أيام، مريم الغاوي المرابطة أمام منزلها منذ 2009، وآلاء حمدان ومنى حوا اللذان يستغلان نفوذهما على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً لإعلام العالم بما يجري، وغيرهن الكثير في الميدان وفي كل مكان.
يجب ألا تقتصر أنشطة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما على إرسال رسائل احتجاج والتعبير عن غضب أو شجب التطور الحالي باعتباره “انتهاكات محتملة للقانون الدولي”. فمنذ عام 2010، أدان مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والأمم المتحدة ككل، حتى الأمين العام السابق خطط إسرائيل، لننظر إلى أين وصلنا.
الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي مستمرة منذ عقود ويجب وقفها بالطريقة الوحيدة الممكنة: إنهاء الاحتلال ومنع إسرائيل من إلحاق المزيد من الأذى بالفلسطينيين، وإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي.
#أنقذوا_حي_الشيخ_جراح