عمّان-عالم السياحة&الاقتصاد: أطلقت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ورقة موقف بعنوان “ضمان محلية الأجندات الجندرية” والتي تحث منظمات المجتمع المدني على قطع المسافة الإضافية للجلوس إلى طاولة القرار على جميع الأصعدة والمسائل التي تختارهافيما يخص هذه الأجندات، وبما يتناسب مع أولويات مجتمعاتها وسياقها المحلي والوطني، وعدم الاكتفاء بالمقاعد الخلفية ودور المنفذ فحسب.تأتي هذه الورقة انسجاماً مع موضوع احتفالية اليوم الدولي للمرأة هذا العام’’ المرأة في الصفوف القيادية لتحقيق مستقبل من المساواة في عالم كوفيد– 19”.
حيث تسلطالورقة الضوء على الجهات التي تديرالأجندات المتعلقة بالبرامج الجندرية وتعزيز حقوق المرأة في السياق المحلي. ويتناول البحث المصاحب للورقة الفهم والطرق المرتبطة بإعداد البرامج الجندرية وتصميمها والأساليب المستخدمة للنهوض بحقوق المرأة. كما يبرز تجارب الجهات المحلية، في بلدان مختارة في إفريقيا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في العمل المرتبط بحقوق المرأة والدروس المستفادة من تكييف هذه القضية بحيث تتناسب مع الدول وسياقاتها واحتياجاتها المحلية. بالإضافة إلى ذلك، يدرس البحث أمثلة عن بلدان من مناطق أخرى ذات سياقات مشابهة والتي تواجه قضايا مماثلة، كما ينظر إلى سياسات الجهات المانحة والطرق التي تتبعها منظمات الإغاثة التي تدعم حركة حقوق المرأة وتنفذ البرامج النسوية. وفي الحين الذي نفذت فيه معظم الأبحاث حول المنظمات التي تديرها النساء والتي نشرت مؤخراً بتكليف من جهات دولية؛ يسعى البحث إلى تضمين أصوات الجهات المحلية في هذا السياق.
تنتقد الورقة أثر علاقات القوى غير المتوازنة بين الوكالات الدولية ذات الموارد والسلطة العالية عالمياً، والمنظمات المحلية والتي يمكن أن تؤدي في كثير من الأحيان إلى حس من “الشراكة غير المتكافئة”، وإلى انحراف المنظمة المحلية عن رسالتها ومهمتها خلال الأزمات، وفقدان هذه المنظمات المحلية لهويتها مع مرور الوقت. بالإضافة لنظام التمويل الحالي الذي لا يمكن الاعتماد عليه أو خاصة في ظل تناقص التمويل حيث يعاني من ارتفاع تكاليف المعاملات وتُعيقه ديناميكيات القوة بين الممولين وعملائهم. كما تشكل طبيعة هذا التمويل أيضا تحدياً يكمن في إمكانية الحصول على تمويل مستدام، لاسيما في سياق المنافسة الشديدة بين المنظمات المحلية غير الحكومية. وتقدم المنظمات الدولية غير الحكومية تمويلاً قائماً على المشاريع بينما يتوجب عليها الاستثمار أيضاً في بناء القدرات.وطالبت الورقة بوضع احتياجات عمل الجهات المحليةوأولوياتها كهدف مركزي يكون فيه الممولون وكلاء فاعلين في التعاون لدعم هذه الأولويات لا في تقريرها.
وفي الحين الذي تبين فيه الورقة الأثر الإيجابي للاتفاقيات الدولية نحوإنصاف المرأة، لكنهاتعتبر أن الطريقة التي تم تصورها بها ومن ثم صياغتها، ومن يتحكم بأجندتها وكيفية تنفيذها، ما زالت مدار للجدال. وتطالب الورقةبضمان استقلالية الجهات المحلية للتفكير بالأجندات النسوية بما يراعي سياقاتها المحلية واحتياجاتها. كما تدعو الجهات المانحة والمنظمات الدوليةلإظهار وعي أكبر بالسلطة والامتيازات والافتراضات المتولدة لديها، والثقة بمقدرة الجهات الفاعلة المحلية على التماس احتياجات مجتمعاتها وتكييف برامجها بما يلائم هذه الاحتياجات ويحقق النتائج المرجوة، وتؤكد على أنإيجاد الوتيرة المناسبة والتكتيكات الصحيحة عملية موازنة دقيقة تعتبر الجهات الوطنية والمحلية الأكثر جهوزية لها. وفي حين يمكن دعم أجندة المساواة الجندرية من الخارج، إلا أنها تحتاج إلى تصميم وتوجيه وقيادة محلية.
وفي ذات الوقت تطالب الورقة الجهات المحلية والدولية بشفافية أكبر وقبول للمساءلة، وتدعو الورقة المنظمات التي تقودها النساء في دول الجنوب إلى التكافل والتضامن والاستعداد للعمل معاً، حيث يجب عليها بناء قاعدة دعم متينة ودوائر مناصرة قوية في بلدانها، وأن تكون على إطلاع على آخر المستجدات وعلى استعداد لتقديم النقد البناء لشركائها. كما يعتبر تعزيز التضامن بين هذه المنظمات عاملاً هاماً للوقوف في وجه شركائها الدوليين، وجعلهم أكثر عرضة للمساءلة عن الوفاء بالتزاماتهم.
بينما ينادي اليوم الدوليللمرأة بإبراز دور المرأة القيادي في السياقات المحلية والوطنية وتبوئها لمناصب صنع القرار، فإن الورقة تُذكر بأن هناك حاجة ملحة إلى تمثيل أفضل للمرأة بمختلف خلفياتها الفكرية والثقافيةوضرورةالاستماع لها بنظرة شمولية والأخذ بالأصوات النقدية المحلية التي تسعى جاهدة للاستجابة لقضايامجتمعاتهادون فرض لأجندات لم تحظ بتوافق كامل على الصعيد المحلي عليها.تعتبر العدالة الجندرية أساساً من أسس النهضة، إلا أنالنهضة الحقة لا بد من أن تخرج من رحم المجتمعات ولا يكون ذلك إلا بتوافق أطياف مجتمعاتها واستجابة لطموحاتهم،وأن لا ترتضي النماذج المستوردة الخارجة عن سياقها المحلي.